للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الصلاة فلا يكون مأمورًا بها، فلا يكون قد فعل ما أُمِر به، فيبقى في عهدة الأمر.

وقولهم: النهي لمعنًى في غير المنهي عنه، وهي مأمور بها من وجه آخر= ليس بجيِّد، لأن هذه الصلاة المعينة لم يأمر الله بها قطُّ، بل نهى عنها لمعنًى فيها، ولمعنًى في غيرها؛ فإنَّ التقرُّب إلى الله بالحركات المحرَّمة وبالزينة المحرَّمة يوجب (١) أن تكون المفسدة في نفسِ حركات الصلاة، ونفسِ الزينة التي هي شرط الصلاة؛ وأنه نهى عن عين (٢) هذه الصلاة لمعنًى يعود إليها، كما هو منهيٌّ عن الصلاة في المكان النجس وبالثوب النجس، وأَولَى، فإن اشتراط حِلِّ المكان واللباس أولى من اشتراط طهارته، لما فيه من تعلُّق حقِّ الغير به. يبيِّن ذلك أنَّا إنما علمنا كونَ النجاسة مفسدة للصلاة بالنهي عنها، والنهيُ عن لُبسِ الحرير ولُبسِ المغصوب والاستقرارِ في المكان المغصوب أشدُّ.

ولأنَّ النهي يقتضي فساد المنهي عنه، إذ لو كان فعلًا صالحًا صحيحا لَما نُهي عنه. ولأنَّ الصلاة طاعة وقربة، والحركاتُ في هذا الثوب والمكان معصية، والشيء الواحد لا يكون طاعةً [و] (٣) معصيةً مع اتحاد عينه، فإنه جمعٌ بين النقيضين.

وحقيقة المسألة: أنَّ السترة والمكان شرطٌ لصحة الصلاة كالطهارتين والأركان، ومتى أتى بفرائض الصلاة على الوجه المنهيِّ عنه لم يكن ما أتى


(١) في الأصل والمطبوع: «توجب». والضمير راجع إلى التقرب.
(٢) في الأصل: «غين»، وفي المطبوع: «غير»، وكلاهما تصحيف.
(٣) زادها في المطبوع دون إشارة.