أولاً: التثبيت عند الموت
عند الموت يثبتك الله عز وجل بالإيمان ويلهمك حجتك، تقول: لا إله إلا الله، ومن كان آخر كلامه من الدنيا (لا إله إلا الله) دخل لجنة، أتريد أن تخرج من الدنيا وأنت تقول: لا إله إلا الله أم لا؟ والله عار عليك وعيب، وسفه وحماقة أن يقال لك عند الموت: قل: لا إله إلا الله فلا تستطيع أن تقولها، إذاً ليتك ما عشت ستين أو سبعين سنة! ستين سنة وأنت تعيش على المعاصي، شخص مدمن للدخان قالوا له: قل: لا إله إلا الله، قال: أعطوني دخاناً، قالوا: قل: لا إله إلا الله، قال: هذا دخان حار، أعطوني دخاناً غيره؟ قالوا: قل: لا إله إلا الله سوف تموت، قال: والله لا أقولها، أنا بريء منها.
لأنه من لم يعش إلا على الدخان فمات على الدخان.
وآخر كان يبيع ويشتري في حراج السيارات، لما قالوا له: قل: لا إله إلا الله، قال: سكر في ماء، خربان تربان، كومة حديد، حتى مات عليها، وليس بيع العقارات والسيارات حرام، لكنهم كانوا يبيعون وليس عندهم إيمان بالله، ولا خوف من الله، يبيعون ويكذبون، ويغشون ويدجلون، حتى إن بيع أكثرهم في هذه السيارات حرام، تكون السيارة له ولرفيقه فيأتي ويضعها في استلام الأول، فيضعون السيارة تحت الميكرفون وهي تساوي عشرة آلاف ريال، فيفتتحون المزاد بثمانية آلاف ريال، ثم يتلفتون، يعرف بعضهم بعضاً، فإن كان هناك في المزاد غريب أغرقوه إلى أذنيه فيها، وكيسوه وربطوه ورموا به في البحر، وإن كان الذي يزيد على بعض هم فقط، رفض صاحب السيارة أن يبيعها، يقال: هذه بكم؟ يقول: بثمانية آلاف، فيقول ذاك: ثمانية ونصف، ويقول الآخر: تسعة، وآخر عشرة، وهي تساوي العشرة، وهو يريد أن يبيع لكن يعرف أن الذي يزاود فيها رفيقه وأنه لا يريدها، فيقول: لا لا.
ردوها هناك.
من أجل أن يأتي لها مغفل جديد، ما جاء هذه المرة شخص مغفل يريد سيارة.
أما إذا رأوا مسكيناً يريد سيارة، قاموا فزودوا خمسين فزود ذلك خمسمائة، قالوا: تسعة آلاف وخمسين، قال: وخمسمائة، قالوا: خمسين.
قال: عشرة آلاف، قالوا: خمسين.
قال: أحد عشر ألفاً، فيورطوه ويقولون: بارك الله لك.
هذا حرام، لأنه نجش والنجش محرم في الشرع؛ لأنك تزيد في السلعة ولا ترغب في شرائها، وإنما تريد من زيادة السلعة أن تعطي صاحبها مالاً، وهذا حرام، فالذي يعيش على هذا الوضع -والعياذ بالله- لما جاءه الموت قالوا له: قل: لا إله إلا الله، قال: أربعمائة وخمسين، وخمسين يزيدها، قالوا: قل: لا إله إلا الله، قال: سكر في ماء، كومة حديد.
والآخر الذي يبيع العقار قالوا له: قل لا إله إلا الله، قال: على شارعين! ومات على شارعين، شارع جهة النار وشارع جهة لظى -والعياذ بالله- لماذا؟ لأنه عاش على المنكرات، لكن يوم أن تعيش على الإيمان وعلى لا إله إلا الله، يقولون لك: قل: لا إله إلا الله، تقول: لا إله إلا الله، بل تقولها من غير أن يقولها لك أحد.
وقد حضرت يا إخواني! جنازة شخص كان يعيش في غيبوبة حوالي سبعة أيام، لا يعرف شيئاً من الدنيا حتى الصلاة لا يصلي، وكان لا يعرف من حوله، فوالله الذي لا إله إلا هو أنه حينما جاءته المنية وأنا جالس عند رأسه، وإذا بيده مبسوطة، يرد يده ويرفعها ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله -وهو أحد أقاربي- فما ظننت أنه مات.
(من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) من الذي يعطيك هذه الكلمة يا أخي؟! تعطيك إياها الشهادة المنزلة الملك المال الجاه المنصب؟ من يثبتك هنا في تلك اللحظات، يوم تزيغ الأفهام وتضل الألباب: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧].