للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإذن لمحمد صلى الله عليه وسلم بالشفاعة الكبرى لأهل المحشر]

يأتي أهل المحشر النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (أنا لها، أنا لها) اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم شفَّع نبيك فينا، وهذا هو المشروع عند أهل السنة والجماعة: أن تدعو الله أن يشفع نبيه فيك؛ لأن الشفاعة له: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:٢٨] {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥].

والشفاعة حق لكنها لا تكون إلا بشرطين: - الشرط الأول: الإذن من الشافع.

- والثاني: الرضى عن المشفوع له، فإذا لم يتوفر الشرطان فليس هناك شفاعة.

قال: (فآتي فأسجد تحت العرش، ويفتح الله عليَّ من المحامد والثناء بما لم يفتح عليَّ من قبل، فيقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يارب! أمتي أمتي) اللهم اجعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

أمة الإجابة.

فالأمة تنقسم إلى قسمين: أمة الدعوة، وأمة الإجابة، فأمة الدعوة تشمل كل من على وجه الأرض منذ مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة؛ لأنه دعاهم كافة، أما أمة الاستجابة فهم الذين استجابوا لله وللرسول -اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين- لأن الله تعالى يقول: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} [يونس:٢٥] فالدعوة عامة ولكن الهداية خاصة {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس:٢٥].

هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد الله له وقال جل ذكره: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] فمن الذي يقول هذا؟ إنه الله، وقال له بعد أن سرد الأنبياء في سورة الأنعام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠] ووزع الله جميع الكمالات البشرية في البشر كلهم وأعطى الأنبياء أعظم قدر من ذلك، ثم جمع جميع كمالات البشر في محمد صلى الله عليه وسلم، فما من صفة وكمال إلا وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى قدر منها، فإن قلت: الصدق، فهو أصدق البشر، وإن قلت: الشجاعة، فهو أشجع البشر، وإن قلت: الكرم، فهو أكرم البشر، وإن قلت: القوة، فهو أقوى البشر، وإن قلت: الحلم، فهو أحلم البشر فأي صفة تأتي بها تجده يملك الحظ الأوفر منها.