[العمل بآثار أسماء الله وصفاته]
الخامس: العمل بآثار أسماء الله وصفاته: الله عز وجل له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأحد أقسام التوحيد هو الإيمان بأسماء الله وصفاته، نؤمن ونثبت لله عز وجل كل ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تشبيهٍ ولا تمثيل، ولا تكييفٍ ولا تعطيل، بل نؤمن أنه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١] ولكن هذا الإيمان يقتضي منا أن تنعكس آثار هذه الأسماء والصفات علينا، فإذا آمنا بأن الله هو الرزاق طلبنا الرزق بطاعة الله، لا نطلب الرزق بمعصية الله.
بعض الناس تجده يبيع ويشتري في الدخان لماذا؟ قال: هذا الدخان يجلب الناس، فهذا لم يعرف أن الله هو الرزاق، هذا عنده قدح في عقيدته، عنده عقيدة إن الرزاق هو الدخان.
وآخر عنده عمارة وفيها دكاكين أجرها على حلاق، لماذا؟ قال: يا أخي! مغلقة لها سنة، ليس هناك من يستأجرها، هذا ليس عنده يقين أن الله هو الرزاق، عنده يقين أن الدكان هو الرزاق، والدكان ما دام أنه لم يأتِ له شخص يستأجره غير الحلاق، فأجره للحلاق، فيفتح قلعة وثكنة لمحاربة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولحيته ملء وجهه، هو يعفي لحيته لكن يحلق لحى المسلمين في دكانه، لو أنه حلق لحيته لوحده وليس عنده دكان كان ذلك أخف؛ لأنه ما من لحية تحلق في الدكان إلا وعليه إثمها وإثم من حلقها إلى يوم القيامة.
وقد رأيت ذات مرة رجلاً علق على دكانه -صالون الحلاقة- لوحة مكتوب فيها: صالون اللحية الغانمة -إيه والله رأيتها بعيني- صالون اللحية الغانمة، قلت: سبحان الله! أي غنمٍ لهذه اللحية وهي تحت القدم، يحلقها الحلاق ويضعها تحت قدمه، ثم يكنسها بالمكنسة ويأخذها في صندوق الزبالة، وفي آخر اليوم إذا مرت البلدية قال: قف قف يا ولد! تعال خذ الصندوق عندي هنا لحى المسلمين، وأخذها عامل البلدية ورماها مع الزبالة في صندوق البلدية، وحملتها سيارة البلدية، انظروا هذه اللحية المعذبة (هذه اللحية الغانمة) وأين الغنم؟! هذا الغرم! هذا الشؤم -والعياذ بالله- ثم يأخذها إلى المحرقة وتحرق مع النفايات، هذه لحية صالون اللحية الغانمة! فالذي يؤجر دكانه على محل غناء أو على محل الفيديو أو محل يباع فيه الحرام هذا ليس عنده عقيدة في أن الله هو الرزاق.
الذي لا يقول كلمة الحق خشيةً من قطع الرزق هذا مسكين لم يؤمن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
فلا بد أن تنعكس آثار هذه الأسماء والصفات عليك، إذا علمت بأن الله سميع لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء فإنك تخاف الله ولا تقدر بأن تتكلم بكلمة حرام؛ لأنك تعلم أن الله يسمعك، إذا علمت بأن الله بصير يرى ويسمع دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصخرة الصماء، تقول عائشة: [سبحان الذي وسع سمعه الأصوات] لما جاءت المرأة المجادلة تشتكي، تقول: [والله إنها تشتكي للرسول صلى الله عليه وسلم في الغرفة المجاورة ما سمعتها، والله سمعها من فوق سبع سماوات وقال: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:١]] فإذا آمنت بأن الله بصير، فإنك تستحي أن تمارس معصية، فأنت تعلم أن الله يراك وأنت في غرفتك في جوف الليل:
وإذا خلوت بريبةٍ في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيانِ
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فهذا مقتضى أنك آمنت بأن الله سميع بصير، إذا آمنت بأن الله حكيم عرفت حكمته، إذا آمنت بأن الله قوي خفت من قوته، إذا آمنت بأن الله جبار خفت من جبروته، إذا آمنت بأن الله منتقم خفت من نقمته، لماذا؟ لأنك آمنت بهذه الصفات.
إذا آمنت بأن الله عزيز رُمت عزته وطلبت العزة في جنابه، إذا آمنت بأن الله رحيم طمعت برحمته، إذا آمنت بأن الله مالك يوم الدين طمعت بأن تنالك هذه الرحمة في ملكه يوم القيامة، لماذا؟ لأنها انعكست آثار أسماء الله وصفاته عليك، إذا تخلقت بهذا كنت ممن يحبهم الله عز وجل، وهذه مهمة جداً وينبغي أن نعود أنفسنا عليها.