[إدخال بيت الزوج من لا يحب]
كذلك من النساء من تدخل بيتها من لا يريد زوجها، إما من الرجال أو من النساء، وهذا حرام، لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدخل بيت زوجها رجلاً كان أو امرأة إلا بإذن من زوجها، أما تعلمون عن خبر تلك الصحابية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويمدحها، ويبين لـ فاطمة رضي الله عنها منزلتها من الجنة، ويكثر من الثناء عليها، امرأة الحطاب، كان الرسول يثني عليها: إن لها في الجنة منزلة، إن لها المنزلة والمكانة العظيمة، وفي يوم من الأيام خرجت فاطمة تريد أن تعرف مقدار عبادتها وتقواها، فذهبت إليها، فلما جاءت إليها طرقت الباب.
قالت: من؟ قالت: فاطمة بنت محمد.
قالت: بأبي وأمي أنت يا بنت رسول الله! ماذا تريدين؟ قالت: أريد أن أدخل عندك، قالت: بأبي أنت وأمي! إن زوجي قد ذهب إلى الحطب وما أذن لي أن أدخلك عليَّ، ولكن إذا أردت أن تأتي لنا فغداً تعالي، وأنا أستسمح لك إن شاء الله الليلة منه، فإذا سمح تأتيني غداً، قالت: حسناً، جاء الرجل من الحطب وقالت: يا زوجي! قد أتتني بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام وطلبت الدخول ومنعتها؛ لأن ما عندي إذن منك، فهل تسمح لها غداً؟ قال: نعم أسمح لها غداً، من يرد بنت الرسول عليه الصلاة والسلام؟ جاء اليوم الثاني فأخذت فاطمة معها الحسن -ولدها الصغير- وجاءت به وطرقت الباب.
قالت: من هناك؟ قالت: فاطمة بنت محمد، قالت: ومن معك؟ قالت: معي الحسن.
قالت: أنا ما أخذت الإذن إلا لك وحدك، أما الولد فلا أستطيع أن يدخل، ولكن إذا أردت تعالي غداًً، وأنا أطلب من أن يسمح له غداً.
جاء الزوج، قالت: جاءتني اليوم فاطمة ومعها الحسن فما أدخلتها، قال: يرحمك الله! كيف تردين بنت الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لا مانع عندي، إذا أتت مع ولدها فأدخليها.
ثم جاءت بـ الحسن والحسين، قالت: من معك؟ قالت: الحسن والحسين، قالت: أنا -والله- أستسمح منك، ليس عندي الإذن إلا لك أنت والحسن، أما الحسين فليس له عندي إذن -مع أنه أصغر من الحسن - ولكن تعالي غداً، ولما أتى الزوج عليها قالت له: جاءت اليوم ورديتها.
قال: أخجلتينا مع بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام، لو أتت مع آل محمد كلهم افتحي لها، من يتوقع أن عند بنت رسول الله شر أو أن في بيت آل رسول الله شر، ولكن انظروا الطاعة العظيمة للزوج، ما أدخلتها وهي بنت أطهر الخلق، وهي فاطمة رضي الله عنها.
جاءت اليوم الثاني: جاءت ومعها الحسن والحسين ودخلوا، فلما دخلت في البيت جلست معها، فلم تلاحظ عليها كثير عبادة ولا صلاة ولا صيام امرأة مستورة، كانت تحافظ على صلاتها وفروضها وتطيع زوجها وربها، فلما رجعت فاطمة إلى بيتها قالت: يا رسول الله! إنك تثني على فلانة وإني ذهبت إليها فما وجدت عندها من العبادة الشيء الكثير، وجدتها مقتصرة على الفرائض، وطائعة لله ولزوجها، قال: (بطاعتها لزوجها بلغت ما بلغت) المنزلة العالية في الجنة تلك ما بلغتها بكثرة الصلاة ولا الصيام، بل بلغتها بالتقيد بأمر الله والزوج، ما كانت تُدخل أحداً بيتَها إلا بإذن زوجها لو كان من كان.
وتلك الصحابية الثانية التي كانت لا تخرج من البيت إلا بإذن زوجها، ولما ذهب زوجها إلى الجهاد في سبيل الله عز وجل مرض والدها، فأرسلوا إليها في البيت: إن والدك قد مرض فهل تريدين زيارته؟ قالت: إن زوجي غائب ولم يأذن لي بالزيارة، وأنا لا أستطيع أن أزوره وزوجي لم يأذن لي.
فجلست اليوم الأول والثاني والمرض يزداد بأبيها، فجاءوا إليها وقالوا: إن أباك قد اشتد مرضه وقد يموت، وهو يطلب حضورك، تعالي ودِّعيه فأنتِ وهو في المدينة، قالت: والله! لو صعدت روحه ما استطعت أن آتيه إلا بإذن زوجي، الله أكبر! إنا لله وإنا إليه راجعون! في اليوم الرابع ازداد المرض على أبيها وجاءوا إليها.
قالت: لا يمكن أن أخرج إليه.
ثم مات الأب ولم تره، ولما مات قالوا لها: قد مات فهيا إلى العزاء، قالت: ما أتيته وهو حي كيف آتي وهو ميت؟ لا.
حتى يأذن لي زوجي، فلما جاء زوجها من الغزو أذن لها أن تذهب إلى أهلها، فذهبت إلى أهلها، وسألت عن قبر أبيها، فذهبت إليه ودعت الله له بالمغفرة عند القبر، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد غفر لأبيها وأدخله الجنة بدعوتها له، وأولئك الذين حضروا وقبروا ومرّضوا ما نفعوه مثلها، وهي التي جلست على طاعة الله ثم طاعة الزوج بدعوتها دخل أبوها الجنة.
فينبغي للمرأة المسلمة أن تتقيد بأمر الله ثم بأمر الزوج في طاعة الله تبارك وتعالى، وألا تخرج من بيتها إلا بإذنه، وألا تدخل عليه في بيتها من لا يأذن له من الرجال أو النساء.