للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الأخذ بأسباب الهداية]

ثم بعد الدعاء تأخذ بأسباب الهداية، إذ لا يكفي أن تدعو وأنت هارب، لا بد أن تدعو وأنت مقبل على الله.

وبعض الناس يقول: اللهم اهدني، بلسانه! وهو هارب من الله بعمله، يقول: "اللهم اهدني فيمن هديت" وهو يسمر على الأغاني إلى نصف الليل، يُحوِّل الراديو من إذاعة إلى إذاعة إلى أن يجد أم كلثوم أو أي مطرب أو مطربة، وهناك يرفع يده عن الراديو فقد وجد أمنيته، فهل هذا يريد أن يهتدي؟ هذا كذاب، هذا لا يريد الهداية حقيقة بل يريد الضلال.

أحد الإخوة يقول: هناك سيارة وقع لها حادث مروري، وبعد ذلك جاءوا إلى الولد السائق وهو يحتضر، يلفظ أنفاسه الأخيرة ويقول: (هل رأى الحب سكارى مثلنا؟) والشريط في نفس السيارة لـ أم كلثوم تغني وهو معها يردد: (هل رأى الحب سكارى مثلنا؟) هؤلاء سكارى حق، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ولا بد عليك وأنت تدعو الله بالهداية أن تسلك السبيل الموصل إليها.

الآن الواحد منّا إذا أراد زوجة وقال: اللهم ارزقني زوجة صالحة، دينة جميلة هادئة ذات خلق ودين، وبعد ذلك تراه جالساً في البيت، وكلما قالوا له: تزوج، قال: لا، يا شيخ! الزواج مشكلة، أنا أطلب من الله أن يزوجني فقط، هل تأتيه زوجة؟ يريد أن تأتيه واحدة (مقرطسة) من السماء، لا.

ادع الله.

ومن ثَمَّ ابحث في المجتمع، وأرسل أهلك وأقاربك يبحثون لك عن زوجة، وإذا قالوا لك: عند فلان بنت صالحة، فعندئذٍ تذهب وتسأل عنه وعن هذه التي ستتزوجها وعن سيرتها وخلقها، وإذا اطمأننت تذهب وتتكلم مع أبيك، ثم يذهب أبوك إلى أبيها، وبعد ذلك مراحل أخرى ثم تجتمعون في الليلة الأولى للمفاهمات الأولية، ثم تحددون موعداً للعقد، ثم موعداً للزفاف، ولا تدخل عليها إلا وقد تكبدت معاناة شديدة.

وهي امرأة من نساء الدنيا، لعلك تظل معها (شهر العسل) وبعد ذلك تتحول الدنيا كلها إلى (بصل) وتعلمون أن (شهر العسل) هذا ليس عرفاً إسلامياً وإنما عادات وافدة، أما نحن فليس عندنا (شهر عسل) نحن في الإسلام حياتنا كلها عسل، لكن الكفار لا؛ لأنهم يلتقون لقاءً بهيمياً، فيحددون (شهر العسل) فإذا انتهى الشهر صار عدواً لها وهي عدوة له، وعاشوا في مشاكل إلى يوم القيامة، لكن الإسلام لا يهمل هذه العلاقات، بل ينسق ويربط الصلة بين الزوج والزوجة وتصير حياتهم كلها عسلاً إلى يوم القيامة، ويكملون الحياة السعيدة -إن شاء الله تعالى- في الجنة إذا كانا صالحين؛ لأن الله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:٢١].

ويقول: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٣ - ٢٤] ويذكر لنا تبارك وتعالى أن الملائكة تقول: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [غافر:٨] فلا يطيب لك قرار في الجنة، ولا تحصل لك السعادة كاملة، إلا بأمك وأبيك وزوجاتك وأولادك، إذا كانوا مؤمنين، أما إذا كانوا فجرة فيُذهَب بهم إلى جهنم ويعوضك ربي عنهم في الجنة إن شاء.