وقفة مع قوله تعالى:(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)
والله عز وجل قد أنبأنا عن حقيقة الدنيا على صيغة العلم، يقول ربنا عز وجل في سورة الحديد:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}[الحديد:٢٠] هذه حقيقة الدنيا، الله يتحدث عنها وهو أعلم بها.
زينة؛ تغيير ملابس، تغيير سيارة، تغيير مفارش، تغيير موكيت، فقط زينة.
تفاخر؛ أنا في رتبة كذا، أنا في مكان كذا، أنا عندي سيارة أحسن، أنا عندي كذا، أنا عندي رصيد، هذه هي الحياة الدنيا.
وما مَثَلُها؟! قال الله {كَمَثَلِ غَيْثٍ}[الحديد:٢٠] أي: نبات {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ}[الحديد:٢٠] وهل هناك غيث في الدنيا يستمر أخضر؟! لا، بل لا بد لكل أخضر أن يغْبَر {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرَّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً}[الحديد:٢٠] هذا مَثَل الحياة للإنسان، غيث في فترة الشباب، ثم فترة الكهولة والشيخوخة، وهي مصَفِّر، ثم تصير حطاماً، ثم تموت، {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الحديد:٢٠] لمن؟! لمن لم يعرف أمر الله ولم يسِر على طريق الله {وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ}[الحديد:٢٠] لأهل الإيمان {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد:٢٠ - ٢١].
هذا هو العدو الثالث؛ الدنيا، فانتبه منها! فلا تخدعك، فتجمع المال من الحرام، وترفع أرصدتك؛ لكن في النار، وتدخل عليك دخولاً من نار، انتبه! لا تأكل إلا طيباً، ولا تكنِز إلا طيباً، ولا تقع بقدمك إلا في طيب، حتى تسلم، أما الحرام فإنه لا يورِّث إلا الناراً -والعياذ بالله-، يقول عليه الصلاة والسلام:(كل لحم نَبَتَ من سحت فالنار أولى به).