وعندما اشتد البلاء بـ خباب وببعض الصحابة، اشتكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم صبروا حتى زاد ذلك على طاقتهم كبشر، فأتوا إلى النبي والحديث في البخاري، أتوا إليه وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، وهو مستضعف صلى الله عليه وسلم وهم مستضعفون، فقالوا له: ألا تستنصر لنا يا رسول الله! ألا تدعو الله لنا، قال: كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه إلى نصفه، أي يغرسون إلى نصفه، ثم يجاء بالمنشار فيوضع على رأسه بين عينه فيشق اثنتين، ينشرونه من مفرق رأسه إلى آخره، حتى يصير قسمين، ما يصده ذلك عن دينه، هذا فيمن كان قبلنا، أي: وأنتم الآن جاءكم شيء بسيط بالنسبة لما جاء الأولين، فنحن جاءنا -أيها الإخوة-: نحن الآن ما نصبر على صلاة الفجر، فلا نقوم نصلي الفجر، وبعضنا لا يصبر على سماع أغنية، يقول: لا أستطيع وإذا سمعت الأغاني انغلق قلبي، نقول له: أفتريد الجنة مع هؤلاء؟ وبعضهم ما يصبر على سيجارة يقول: أريد أن أتركها لكن ما قدرت، لا إله إلا الله! وبعضهم لا يستطيع أن يغض بصره عن الحرام، هذا ابتلاء، فكيف لو أن أحداً ضربك على الدين، وقال لك: لو صليت ضربناك عشرة أسواط، الآن ترك الصلاة بدون سوط بدون تعب بدون شيء ما ينتظرون أحداً يضربهم على الصلاة، هؤلاء الذين كان الرجل يؤخذ ويوضع في حفرة إلى نصفه ثم يؤتى بالمنشار ويوضع على مفرقه ثم ينشر، تصور أنك أنت في هذا الوضع؟ وضعت في الحفرة وأتوا بالمنشار وبدءوا في النشر برأسك، كيف يكون وضعك في تلك اللحظات؟ تكفر أم لا تكفر عندما ترى المنشار أمامك، تقول: ماذا تريدون؟ سوف أكفر سبعين مرة، لكن ذلك لا يكفر وهم يشقون رأسه وينشرونه وينزلونه على مخه ثم على عيونه، ثم أنفه ثم رقبته، ما قد مات إلى الآن، ثم بعد ذلك إلى أن يكون نصفين وهو ينشر ولا يصده ذلك عن دين الله، لا إله إلا الله!