للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحكيم أمر الله في البطن]

شهوة البطن أوجدها الله في الإنسان لبقاء الجنس، من أجل أن يعيش الناس، إذ لو لم يأكل لمات، ولكن الشيطان أوقع الناس في الشرور والآثام عن طريق الأكل الحرام، كثير من الناس يريد أن يكون صاحب ثراء وملك وأرض ومزرعة وسيارة عن طريق الحرام، فيأكل الحرام إما بالرشوة، أو الربا، أو السرقة، أو الكذب، أو الاحتيال والعياذ بالله، حتى يكون ثرياً ولكن من الحرام، يثري هنا، ويرفع أرصدته هنا، ولكنه يخسر هناك، وينقص رصيده عند الله حتى يكون مغضوباً عليه في نار جهنم.

فيا عبد الله: اقنع بالحلال، والله لدرهم حلال أعظم من مليون حرام؛ لأن: (كل جسمٍ نبت من سحت فالنار أولى به) والشيطان إذا رأى الشاب يتعبد قال لأعوانه وزبانيته من الجن: انظروا مطعمه ومشربه، فإن كان مطعم سوء أو مشرب سوء فدعوه فقد كفاكم شر نفسه، يقول: دعوه يصلي ويصوم ما دام يأكل حراماً، والحديث -كما تعرفون- في الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: (رب رجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء وهو في سفر: يا رب! يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يُستجاب له؟!) كيف يستجيب الله لك ورصيدك مرتفع في البنوك الربوية؟ كيف يستجيب الله لك وأنت تأكل راتبك حراماً؛ لأنك لا تعمل، لا تأتي الدوام إلا الساعة التاسعة، وتخرج الساعة واحدة، وجالس على الطاولة في مكالمات وقراءة الصحف والشاي والفطور والحكايات، وأعمال العباد متراكمة على طاولتك، ومصالح المسلمين عندك، وكلما جاء مراجع، قال: تعال لي غداً، (غداً) عندك سهلة لكنها عند المراجع كأنها سنة، خاصة عندما يأتي والمكان بعيد.

فيا أخي! اتق الله وكُلْ حلالاً، يجب أن تكون محافظاً على الدوام، ولا تتأخر إلا بعذر شرعي، وبإذنٍ من ولي أمرك، من المسئول عنك، رئيس قسمك، أو مديرك أو رئيس وحدتك، أو قائدك، يجب أن تلتزم حتى يكون لمالك طعماً تأكله ويكون فيه بركة، اتق الله في هذه الأمور، وحكِّمْ شريعة الله في هذه الأمور: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤].

ألا وصلوا على خير خلق الله محمد بن عبد الله، فقد أمركم بذلك مولاكم فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، ودمر اليهود والكفرة والملحدين وأعداء الدين، اللهم أنزل عليهم بأسك الشديد، وعذابك الأكيد، فإنهم لا يعجزونك، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم احفظ علينا أمننا ونعمتنا وطمأنينتنا واستقرارنا، اللهم من أرادنا في هذه الديار، أو في غيرها من ديار المسلمين بسوءٍ أو شرٍ أو كيدٍ أو مكرٍ فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، وأنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم نوَّر على أهل القبور قبورهم، اللهم اغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم، اللهم فرج هم المكروبين، اللهم اشف مرضى المسلمين، واقض الدين عن المدينين، وعاف جميع المسلمين وسهل عودة المغتربين والغائبين برحمتك يا أرحم الراحمين! عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعضكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.