[مفاسد بيع الدخان والمجلات الخليعة]
السؤال
نفيدكم أن صاحب سوق منهل المركزي استجاب للنصيحة وقام بمنع بيع الدخان، والمجلات العارية، وورق البلوت من محله نرجو أن تدعو له؟
الجواب
نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يبارك له في دكانه، وأن يخلف عليه بخير، وليبشر، فوالله ما ترك شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه.
ونحن بالمناسبة نناشد كل أصحاب محلات (السوبر ماركت) والأسواق المركزية، ومحلات الفيديو والتسجيلات، نناشدهم بالله، وندعوهم بدعوة الإيمان، ونقول لهم كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:٢٤] لن تحشروا إلى الأسواق المركزية، ولا محلات الفيديو، ولا محلات التسجيلات، سوف تحشرون حفاة عراة، معكم أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علم، ما من شريط فيديو ولا أغنية يباع في محل من هذه المحلات إلا وعلى صاحب المحل إثمه، وإثم من أضله إلى يوم القيامة، وعلى مالك العمارة مثل ذلك مع اللعنة والتشريد، لماذا؟ لأنه أجر العمارة لعمل حرام، لا يجوز لك أن تؤجر عمارتك على مثل هؤلاء، فليتق الله كل إنسان، نحن نحسن الظن بأصحاب المحلات التجارية، وأصحاب محلات (السوبر ماركت) وأصحاب محلات الفيديو، ومحلات التسجيلات، فلا نظن أنهم يحاربون الله، ولا نظن أنهم يسعون إلى هدم أسس المسلمين، ولا نظن أنهم ينشرون الرذيلة، ولكنهم يريدون تجارة فقط، وأكثرهم يقول: أنا أبيع وأشتري، هذا فاتح صيدلية، وهذا فاتح مواد بناء، وهذا (سوبر ماركت) أنا أفعل شيئاً جديداً، هل أفتح صيدلية؟ لا.
بل أفتح شيئاً جديداً، ولكن أخطأت في الجديد، هذا فتح صيدلية لعلاج الأجساد، وهذا فتح سوقاً مركزياً لمصالح الناس، وهذا فتح مواد بناء في أمور مباحة، أما أنت فتحت مكاناً وقلعة لمحاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومحلات الفيديو والأغاني قلاع حرب ضد الله، ورسوله، وكتابه، والمؤمنين، والفضيلة، لماذا تنشر الأغاني؟ أسألك بالله بم تعتذر يا صاحب المحل أمام الله عز وجل، وقد أغناك الله؟ والله لأن تعجن من التراب، وتأكل طيناً، خير لك من أن تأكل في بطنك ناراً.
إنك تربي أولادك على النار، أرباحك كلها نار، تفرح في نهاية كل يوم، تجيء وتسأل العامل كم بعت شريط فيديو اليوم؟ يقول: بعت مائة شريط اليوم، أفسدت مائة أسرة في ذاك اليوم! أفسدت مائة بنت وولد هذا اليوم! ما أحد يزني على هذا الشريط إلا وعليك مثل وزره هو زنى وأنت زنيت معه؛ لأنه من دل على ضلال كان عليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة، يا صاحب السوق المركزي: بعض الناس يقول: أنا لا أجلب المجلات والجرائد، وكذلك الدخان لذاتها ولكنها تجلب لي المشتري، ليست هي التي تجلب المشتري، إن الذي يجلب المشتري لك هو رزاق السماء والأرض.
نعم.
إن الله هو الرزاق ليس الدخان هو الرزاق، إذا كنت تعتقد أن الذي يرزقك هو المجلات والجرائد فهذا قدح في عقيدتك، فأنت ما آمنت بأن الله هو الرزاق، أنت عطلت صفة من صفات الله، وتعطيلك لصفة من صفات الله قدح في عقيدتك، ليست المسألة مسألة بيع دخان، ولكن المسألة مسألة خراب ذمة وعقيدة، فعليك أن تعتقد في الله: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ} [الزخرف:٣٢] وتعتقد في الله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت:٦٠] فليس على الدخان رزقك ولا المسجل، ولا الشريط، رزقك على الذي خلقك، لكنك استعجلت الحرام وأكلته، فعشت حياة ملطخة بالحرام، ويوم تموت والله ما ينفعك ولا يغني عنك شيئا، وسوف تندم وتعض على أصابع الندم وتقول: {لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة:٢٥ - ٢٧].
أما المفاجأة وإن كانت غير سارة في نظر الناس، ولكنها سارة عند الله، في الأسبوع الماضي جمعت تبرعات لجماعة تحفيظ القرآن الكريم في هذا المكان، وكانت تبرعات مذهلة، يعني: جمعوا من هذا المجلس المبارك مائة وثمانين ألف ريال، شيء ما يصدقه العقل -يا إخوان- لكن البركة إذا حلت بارك الله في كل أمر، وجاء العشرات والمئات من الشباب، يقولون: ما علمنا بأمر التبرع، ولو علمنا لاستعدينا له.
قلنا: إنها (ملحوقة) في الليلة الآتية نفتح صناديق التبرع عند الباب، والذي يريد الأجر يدركه إن شاء الله، والذي تبرع في الأسبوع الماضي ما يمنع أنه يتبرع الآن، لماذا؟ لأن المرء تحت ظل صدقته يوم القيامة، قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:٣٩].
وأذكر لكم قصة حدثني بها أحد الإخوة في مكة: يقول: كنا في وليمة، ومعنا بعض الإخوة والمشايخ يقول: شخص من الأثرياء خرج من المسجد الحرام، وركب سيارته الفارهة -سيارة (لكسز) - وهو ثري يملك الملايين يقول: وأثناء وقوفه وقف بجانبه رجل فقير من فقراء الحرم، وما أكثرهم! وقال له: من فضلك أعطني ما أتعشى به، وهو يملك الملايين ولا يضره لو أعطاه مائة ألف أومليوناً، لكن يقول: أنا مستعجل، وقد شغلت السيارة وقد مشت السيارة قليلاً يريدني أن أقف وأدخل يدي في جيبي وأخرج ريالاً، فالأمر يطول، قال: فقلت له: على الله، قال: فنظر إلي بعينين كأنها تبتلعني، وقال: تقول لي: على الله، تحيلني إلى ربي، أنا أعلم أن رزقي على الله ليس عليك، ولا بريالك، ولا بعشرتك، يقول: فرقعني بنظرته ثم ولى وتركني، يقول: وكان أمامي امرأة فقيرة تبيع حلويات، قال: لما رأته انصرف من عندي وما أعطيته شيئاً قالت له: تعال وفكت كيسها وأخرجت ريالاً وأعطته إياه، فانظروا كيف أن ريالاً سبق الريالات، قال: فلما أعطته قال: ضربني في قلبي شيء مثل السهم، يقول: الله ما أقل بركة هذه الدنيا وما أنا فيه، يُطلب مني ريالاً فلا أعطي، وهذه المسكينة ربما ما معها اليوم إلا هذا الريال، يقول: على الفور أوقفت السيارة وأطفأتها وأدخلت يدي في جيبي وفتحت الشنطة، وأخرجت عشرة ريالات، ونزلت أبحث عن الرجل فلم أجده، وكأن الأرض ابتلعته، يقول: فرجعت كأن هناك من ساقني إلى هذه المسكينة فأعطيتها العشرة، فسبحان الله، أنفقت ريالاً فردها ربي عليها بعشرة.
فأنت الآن عندما تضع ريالاً فلا يضيع عند ربي: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:٣٩] ليكن لكل منا في هذا المكان ريالاً سهماً في سبيل الله، نسهم به في ميدان الله عز وجل.
أسأل الله لنا ولكم التوفيق، والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.