ألاحظ إهمال كثير من الآباء لأولادهم في أمرهم بالصلاة فتجد أن أحدهم في الصف الأول، ولكن أبناءه في البيت، لا يحضرون الصلاة ولا يوقظ منهم أحداً، فهل من توجيه؟
الجواب
لا شك أيها الإخوة أن أول مسئوليات المسلم أمام الله سبحانه وتعالى أن يأمر أهله بالصلاة؛ لأن الله قد ضمن له الرزق، وقال:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}[طه:١٣٢] سبحان الله! يا أخواني فكروا معي في هذه الآية، لو أن مسئولاً كبيراً، جاء بك وكلفك بمهمة، وقال لك: عليك بهذه المهمة، ولا تلتفت للرزق فرزقك علينا، ما رأيك؟ هل سيحمل هماً؟ يذهب يشتغل بتلك المهمة وخلاص مكفول على المسئول، الله سبحانه وتعالى الرزاق الذي يرزق كل ما في الأرض {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:٦] يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢] وظيفتك أنك توجه أهلك وزوجتك للصلاة، وبعد ذلك قال:{لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ}[طه:١٣٢] فماذا حصل؟ اشتغل الناس بالرزق وضيعوا الصلاة، تجده من الصباح إلى الساعة العاشرة وهو في الدكان، وإذا جاء الرزق، طيب وأولادك صلوا؟ قال: ما أدري عنهم، اهتم بالمكفول ضيع والواجب، وبعض الآباء ليس عنده شغل حتى بالرزق وإنما إهمال، يقول: يصلي ويخلي أولاده، لا يا أخي الكريم، لا تبرأ ذمتك إلا برعايتك لأولادك، وستجد صعوبة طبعاً، لكن اصبر وبعد أعظم وسيلة خذوها مني وهي نتيجة تجربة، هذه التجربة مارستها في تربيتي لأولادي والحمد لله، ونجحت فيها لحد بعيد، قضية الأمر بالصلاة، يقول لي أحد أولادي وربما تسمعون به وهو الشيخ أنس، داعية والحمد لله الآن يدرس الماجستير، يقول لي: كذا بالنص، يقول: يا أبتي كنت إذا أنت تدخلنا المسجد تأمرنا بالقوة، يقول: أشعر بضيق وتعب وأنا صغير، يقول: وأحس وأنا أرى الأولاد يلعبون في الشارع، أقول: الله يهنيهم، أبوهم لا يقول لهم: صلوا، ويقول: أشعر بأنك تعقدنا وأنك تزعجنا، كل ساعة صلاة صلاة، يقول: وبعدين مع الزمن أحببنا الصلاة، يقول: حتى لما كبرنا ما رأينا صعوبة ونحن نصلي؛ لأننا مدربون عليها من حين خلقنا، وكذلك يا أخي أولادك، هذه أعظم وسيلة، فتجد صعوبة، الولد ما يحفظ عن الصلاة أنها عمل عبادة، والولد لا يدرك العبادة، ولا يدرك لها لذة، ولذا هي جهد ضايع عنده، قد يصلي بغير وضوء، وقد يصلي بغير خشوع، لكن اجعله يصلي، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر) رغم أنهم ليسوا مكلفين، لماذا؟ لكي يعتادوها فتسهل عليهم إذا كبروا لكن حين تتركه وهو ابن سبع، وتتركه وهو ابن عشر، ويصلي ابن خمس عشرة وهو مكلف إذا لم يصل صار كافراً، تقول له: صل، ما تدرب صلاة، ماذا يصلي؟ يراها أكبر من الجبال، ولا يصلي ولا يطيع لو تضربه وتحط ظهره على الحديد، ما يصلي، لماذا؟ وكما يقال:
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا تلين إذا صارت من الخشب
الغصن الأخضر قد تميله على كيفك، لكن إذا صار خشبة يابسة، تعال اعوجها أو صلحها! فلا يا أخواني الله الله في قضية أولادكم في الصلاة، وبعد ذلك القضية والأمر يحتاج إلى صبر؛ لأن الله يقول:{وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢] والاصطبار هنا فعل أمر من الخماسي، ما قال واصبر بل قال اصطبر وهو فعل خماسي، ويقول علماء اللغة: إن الزيادة في المبنى -أي مبنى الكلمة- من الرباعي أو الخماسي أو السداسي يدل على الزيادة في المعنى، فالله ما قال: اصبر بل قال: {وَاصْطَبِرْ}[طه:١٣٢] والاصطبار هو أقصى درجات الصبر.