أن تبدأ حياتك -أيها المسلم- بطاعة الله بصلاة الفجر، فإن اليوم إذا بدأ بالطاعة كان يوماً مباركاً، أن تفتتح حياتك بأن تستيقظ من نومك ثم تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم تذكر الله بالأذكار التي وردت، ثم تقوم وتتوضأ وتخرج من بيتك قاصداً بيت ربك، ثم تصلي صلاة الفجر؛ فإن أمكنك أن تجلس إلى الإشراق فهذا أفضل، وإن لم تستطع فلا حرج أن تعود إذا كنت بحاجة إلى الراحة، ثم تذهب بعد ذلك إلى طلب رزقك، إن كنت طالباً فإلى مدرستك، وإن كنت مدرساً فلعملك، وهكذا إلى أن ينتهي وقت الدوام.
ويجب -أيها الإخوة- أن ننبه على أن العمل أمانة وأن الوظيفة هذه أمانة وأنه يلزمك أن تقوم بهذه الأمانة وإلا فأنت خائن لها، وفي القيام بالأمانة -أيها الإخوة- مشقة، ولكن من استلم الأجر حاسبه الله على الأمانة، لا بد أن تحضر في الدوام الساعة السابعة والنصف، ولا تأتِ الساعة التاسعة فتكتب سبعة ونصف فتصبح كذاباً، احضر السابعة والنصف واكتب السابعة والنصف، وهكذا اكتب الساعة التي حضرت فيها؛ بحيث لو تأخرت يخصم من مرتبك مقابل ذلك، ولا تحمل على ظهرك عقاباً وعذاباً في النار، وتواجد في العمل مرة في الدوام، ولا تقم من مكتبك إلا في الساعة الثانية والنصف، وحاول أن تؤدي عملك الوظيفي على أحسن أداء، تخدم به المواطنين وتحقق فيه مصالح الأمة، ثم تعود إلى بيتك، وتتناول طعام الغداء، وتستعد لصلاة العصر، واحذر-أيها الأخ- من الاسترخاء والنوم حتى يؤذن العصر، ثم يستمر في استرخائه إلى المغرب، لا.
استمر قاعداً إلى أن يقول: الله أكبر ثم اذهب لصلاة العصر؛ لأن (من فاتته صلاة العصر حبط عمله) هذا حديث في صحيح مسلم وقال: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ونفسه)(من صلى البردين دخل الجنة) وما هما البردان؟ الفجر والعصر {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}[البقرة:٢٣٨] خصها الله لماذا؟ لأنها عظيمة، تستلم الناس الملائكة من المساجد (يتناوبون فيكم ملائكة بالليل والنهار) في الفجر والعصر، فتأخذك من المسجد في العصر وتسلمك للمسجد في الفجر، يسألها الله وهو أعلم:(كيف وجدتم عبادي؟ قالوا: جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون) لكن أنت نائم في صلاة الفجر ونائم في صلاة العصر، ولهذا ترون أقل نسبة في حضور المصلين في العصر والفجر؛ لأنهما الصلاتان المحببتان إلى الله عز وجل، صلِّ العصر وبعد صلاة العصر أنت بالخيار بين أن تنام إن كنت بحاجة إلى نوم، أو أن تستريح، أو أن تذهب إلى السوق، أو أن تذهب إلى قضاء غرض، أو تذهب بأهلك إلى المستشفى، أو تزور صديقاً، المهم أنت حر في هذا الوقت إلى قبل المغرب، ثم تأتي بالأذكار أذكار المساء، هذه وقتها قبل غروب الشمس {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}[ق:٣٩] وهذه من أهم الأشياء بالنسبة للمسلم، فإن أذكار الصباح والمساء حفظ للمسلم، وتعلق بالله، لكن غفلتك عن الذكر دليل انقطاعك عن الله، خذ كتاباً لأذكار الصباح والمساء ثم احفظها، وخذ كتاب حصن المسلم للشيخ سعيد بن علي القحطاني، هذا الكتيب الصغير الذي بريال، اجعله في جيبك وإذا جاءت أذكار المساء اقرأها؛ لأنه جمعها جزاه الله خيراً من أصح المصادر، وبوبها تبويباً عظيماً جداً، واحفظ هذه الأذكار.
ثم اذهب إلى المسجد وصلِّ صلاة المغرب، وبعد صلاة المغرب يبقى معك وقت أيضاً لشراء أو لزيارة أو لغرض، ثم صلِّ العشاء، وبعد صلاة العشاء اتجه إلى بيتك، ولا تذهب إلى مكان غيره، المكان الطبيعي لك إن كنت مسلماً مؤمناً بعد العشاء بيتك، لا تخرج ولا تسهر ولا تسمر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الحديث بعد صلاة العشاء، وكان يكره النوم قبلها، ولو كان السهر في خير، إذا كان يصد عن صلاة الفجر؛ لأن بعد العشاء يكون لنفسك ولأهلك، تجمع أولادك وزوجتك وتتعشى معهم، ثم تأتي بكتاب رياض الصالحين وتقرأ حديثاً، أو آية من تفسير ابن كثير وتقرأ شرحها، تتحدث معهم ثم تنام مبكراً، وتنام طاهراً وتنام ذاكراً لله، وتنام ناوياً القيام لصلاة الفجر، وإذا أعانك الله وقمت قبل الفجر صليت ركعتين في آخر الليل، فإنها خير لك من الدنيا وما فيها، هذا البرنامج المثالي -نسأل الله أن يقيمنا وإياكم عليه-.