ثالثاً: ومن آداب الإسلام في قيامك لصلاة الفجر أولاً: أن تنام على ذكر؛ لأن من نام على الذكر أيقظه الله للصلاة كما جاء في الحديث.
ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد قال: إذا نام العبد حضره ملك وشيطان.
إذا جاء ينام جاء الملك والشيطان يريدون أن يروا ماذا يعمل هذا المخلوق؟ قال: فإن ذكر الله ونام على طهارة واستقبل القبلة وذكر الله؛ تولى الملك حراسته وفر منه الشيطان، فلا يزال الملك عنده يحرسه كما يحرس الرجل الرجل حتى يوقظه لصلاة الفجر، يقول: فإن نام على غير ذكر الله كأن نام على الأغاني؛ بعضهم يأخذ الراديو ويقلب قنواته حتى يجد أول شيء أم كلثوم، فإذا وجدها نام، وإذا ما وجدها فإنه يقلب القنوات إلى أن يجدها، ثم يضع رحاله عندها، وبعض الشباب يقول: أين أم كلثوم ليست موجودة، كيف نعيش؟! الله أكبر يا أهل التكافل، يا هذا الشباب، كيف تعيش؟! لا إله إلا الله! أصبحت قرآنك؟! هي رسولك هي هدايتك؟! عجوز شمطاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فإذا نام على غير ذكر الله -نام على الأغاني والغفلة، أو رمى بنفسه- جاء الملك إليه وقال: ما هذا؟ هذا يستحق حراسة؟ هذا جيفة، فيتركه، فإذا رأى الشيطان النوبة فارغة جاء وأمسكه، قال: وأخذ روحه، فلا يزال يعذبه طوال الليل، الذي يسمونه (الجثام) باللهجة العامية يعني: أن الواحد يشعر بضيق في النوم، يقول: شخص كبس على صدري، يسمونه (كابوس) ويرى أحلاماً مزعجة، ويرى أنه على رأس جبل وأنه يسقط في بئر ووديان، المهم يعذبه طوال الليل، فإذا جاءت صلاة الفجر رد روحه له، فيشعر في تلك الساعة بلذة في النوم فيصبح ألذ شيء عنده تلك اللحظة، فإذا جئنا لنوقظه للصلاة فإنه لا يستطيع أن يقوم؛ طوال الليل وهو يعذب! فمهما أيقظوه لا يستيقظ، بل بعض الناس يوقظ ولده حتى إذا دخل الحمام يوقظه، يقول: قم صل، قال: حسناً، وأخذ بيده وساعده، مسكين يريد أن يأخذ به إلى الجنة، لكن رفض هذا المخذول، حتى يدخله الحمام.
يقول لي شخص من الناس: والله إني أدخلته الحمام فأغلق على نفسه ونام على الكرسي، وأذهب أصلي وأنظر في المسجد أين الولد؟! وإذا هو ليس موجوداً، أدخل البيت وهو ليس موجوداً في فراشه، فأقول: أين الولد؟ وإذا به في الحمام! طرقت عليه الباب في الحمام وإذا به يفتح، قلت: ماذا بك؟ قال: دخلت ونمت.
يستاهل! لا إله إلا الله!! أين دين الإنسان؟! ما الذي جعله يجلس هكذا؟! وبعض الشباب يحلف بالله، يقول: والله لا أحد يوقظني، وأبوه يقول: أيقظتك فيقول: ما أيقظني أحد؛ لأنه نام على غير ذكر الله.
فإذا أردت أن تقوم الفجر فلتنم أولاً على ذكر الله تعالى.
وبعد ذلك كلما انقلبت في الليل فاذكر الله؛ كلما انقلبت من جنب إلى جنب قل: لا إله إلا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، كلما انقلبت من جنب إلى جنب يذكرك الله تبارك وتعالى.
ثم بعد ذلك نم على نية صلاة الفجر، يعني: أوجد في نفسك النية أنك لابد أن تقوم مبكراً مهما كنت متعباً، مهما كنت مسافراً، مهما كنت مريضاً: لابد أن أقوم لصلاة الفجر إن شاء الله.
فإذا جاء الفجر وسمعت المؤذن فمنذ أن تسمع المؤذن فقل أول شيء: أشهد أن لا إله إلا الله -جدد إيمانك- ثم قل: الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، ثم بعد ذلك قم واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، لا تجلس؛ لأن الشيطان كما جاء في الحديث:(يعقد الشيطان على ناصية أحدكم إذا نام ثلاث عقد ليصرفه عن صلاة الفجر: فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة -لكن بقي اثنتان لأنه لا يكفيه الذكر- فإذا قام وتوضأ انحلت الثانية، فإذا خرج وصلى انحلت الثالثة فيرجع طيب النفس نشيطاً)، لكن إذا نام ولم يذكر الله لا يقوم، وإذا ذكر الله وجلس في فراشه لكن لم يقفز بقوة، تشعر وأنت في الفراش أن قوة خارجة عن قوة إرادتك وهي قوة الشيطان تريد أن تصرفك وتجعلك تنام، لكن اشعر بأن أمامك عدواً يريد أن يكبسك على النوم، وأنت مطالب بأن تقوم، فقم بقوة وصارع الشيطان، وقم بقوة إلى الله واستعن بالله تبارك وتعالى! لكن من الناس من لا يفعل هذا الأسلوب مع نفسه، ولا يفعله حتى مع أولاده، بل يمكن أن يصلي هو ولكن يمر على الأولاد فيغطيهم يقول: دعهم ينامون عندهم مدارس، نخاف أن نعقدهم من الصلاة.