أداء الصلاة مع الجماعة، أما في البيت ففيها نظر إلا بعذر شرعي، ويحقق شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاختيارات الفقهية عدم صحة صلاته إلا من عذر شرعي؛ مريض، أو نائم، أو غافل، أو خائف، أما إذا لم يجد عذراً وهو يسمع المؤذن ويقول: سوف أصلي هنا، وبعضهم يقول: أريد درجة ولا أريد سبعة وعشرين، ليس لك درجة، ففي الصحيحين:(صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) قال العلماء: مع العذر؛ الذي له عذر وصلى في بيته له درجة، أما بغير العذر فليس له درجة ولا أي شيء، فما له إلا غضب، لماذا؟ قالوا: في الصحيحين حديث يقول فيه عليه الصلاة والسلام: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، فآمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجالٍ معهم حزمٌ من حطب فأحرق على قوم لا يشهدون الصلاة بيوتهم بالنار، لولا ما فيها من الذراري والنساء) فلا يحرق عليه الصلاة والسلام بيوت الناس بالنار إلا على ترك واجب، وأمر مهم وهو الصلاة، فلا بد أن تصلي في المسجد.
وإذا صليت في المسجد فهذه تمحو السيئات بإذن الله، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم -والحديث صحيح رواه البخاري -: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مرات) في أمام بيتك نهر وكلما خرجت اغتسلت من الماء خمس مرات (هل يبقى من درنه شيء؟ -هل يبقى فيك قذر أو درن أو وسخ؟ - قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) فإذا كنت على موعد مع الله في كل يوم خمس مرات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، كل يوم وأنت في المسجد هل يبقى معك ذنوب؟ لا تبقى أصلاً، وبعد ذلك لا تعمل ذنباً، ليس عندك فرصة كي تذنب؛ لأنك إنسان مؤمن، كيف تذنب وأنت تعرف بعد ذلك أنك ذاهب للصلاة؟ من الذي يعمل الذنب والمعصية؟ الذي لا يأتي المسجد، أما أهل المساجد فإن الله يحميهم، ويعصمهم ويسددهم ويوفقهم، لكن إذا انقطع المسلم عن المسجد افترسه الشيطان ولعب عليه وأضله -والعياذ بالله- أجل هذه الصلاة تعتبر مكفراً من مكفرات الذنوب ومطهراً لها.
والحديث الثاني في هذا الموضوع: هو الصلاة، والحديث في صحيح مسلم يقول عثمان رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة -يعني: تحضر عليه الصلاة- فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله) هذه كفارة الذنب إلا الكبائر، فالكبائر هذه لا تكفرها إلا التوبة أو النار، إما أن تتوب أو النار، فليس هناك خيار آخر، فالتوبة أسهل ما دام ليس هناك إلا النار؛ لأن النار لا تستطيع لها، فأفضل لك أن تتوب؛ لأن التوبة وإن كان فيها تعب لكنها أسهل بملايين المرات من عذاب النار والعياذ بالله! والحديث الثالث: وهو في الصحيحين، يقول عليه الصلاة والسلام:(صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في سوقه وفي بيته بخمس وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا كتبت له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في صلاة ما لم يؤذ أو يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.
ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة) هذا المكفر الثاني وهو الصلاة.