للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمر الله للنبي بالتقوى لعظمها]

آخر ما وجه الأمر بالتقوى إلى أفضل خلق الله أجمعين وهو: رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وخير من سار على الأرض، وصاحب اللواء يوم العرض، وأول من تنشق عنه الأرض، وصاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة، وأول من يدخل الجنة، صلوات الله وسلامه عليه، فله المنزلة الرفيعة عند الله، وله المقام العظيم، وهو صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، واللواء المعقود، هذا الرجل صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، سيد الخلق أجمعين، نادى الله الأنبياء كلهم بأسمائهم إلا هو: {يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات:١٠٤ - ١٠٥] {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود:٤٦] {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ} [القصص:٣١] {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة:١١٦] كل نبي باسمه، أما محمد صلى الله عليه وسلم فلا يوجد في القرآن يا محمد، إلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأنفال:٦٤] {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة:٤١].

وذلك لعظمه صلى الله عليه وسلم، هذا العظيم يقول الله تعالى له في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:١] أتقى خلق الله، وأعلم الناس بالله، والله تعالى يقول له: {اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:١] ما معنى هذا؟ قال المفسرون: ليس معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس متقياً لله، ولكن لتأكيد الأمر بالتقوى؛ لعظم منزلة المتقين عند الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:١] وكان أتقى خلق الله، يقول: (إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ومع هذا فأنا أصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني) هكذا قال صلى الله عليه وسلم.