للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من وسائل الثبات: الثقة الكاملة المطلقة بأنك على الطريق الصحيح]

الوسيلة الثامنة: الثقة الكاملة المطلقة بأنك على الطريق الصحيح، وأن من عداك على الطريق الضال، فالذي ليس على مثلما أنت عليه فهو ضال، وهذه تبين مبدأ الثبات على العقيدة والدين، وأيضاً هي ثمرة ونتيجة لمعرفة الطريق، فالذي يعرف أنه على حق لا يمكن أن يتزعزع عنه، أعطيك مثالاً: الآن أنتم تعرفون أن هذه طريق الخميس، أليس كذلك؟! هل عندكم شك في أن هذه طريق الخميس؟! ولو قلتُ: أنا ذاهب إلى الخميس، ولقيني شخص وأوقفني وقال لي: إلى أين أنت ذاهب؟ قلت: أريد الخميس.

فقال: هذه ليست طريق الخميس، ارجع من هنا واسلك طريق السودة.

أأصدقه أم أكذبه؟! ما أصدقه، بل أقول: لا.

هذه هي طريق الخميس.

يقول: لا يا شيخ أنت مخطئ، أنت مجنون، أحْلِفُ لك، أُقْسِمُ لك.

والله لو يحلف ما يحلف فإني لن أصدقه، وبعد ذلك تركني ولقيني شخص وقال لي: إلى أين أنت ذاهب؟ قلت: أريد الخميس.

فيقول: يا شيخ! هذه ليست طريق الخميس.

ويأتي آخر ويقول: بلى، هذه ليست طريق الخميس، فتقول: بل هي طريق الخميس، أنت مخطئ، وأنت أيضاً مخطئ، قالا: لا.

أبداً لسنا مخطئين، وأنت لست مخطئاً؟! هذه الطريق ليست طريق الخميس.

يقول: لا.

فيأتي ثالث ورابع ومائة، ووالله لو يجتمع أمامي أهل الأرض كلهم ويقولون لي: إن هذه ليست الطريق.

أقول لهم: لا.

لماذا؟! هذا نتيجة ماذا؟! نتيجة علم أن هذه طريق الخميس؛ لأني ذهبت إلى الخميس ألف مرة من هنا.

لكن لو أنني لا أعرف طريق الخميس أو جئتها مرة ونسيتها منذ زمن، ومشيت فيها، ولقيني شخص وقال: إلى أين أنت ذاهب؟ تقول: أريد الخميس.

يقول: أخطأت، هذه ليست طريق الخميس، بل طريقها من السودة، فتقول: لا.

يا شيخ! أنا أغلب ظني أن الطريق هي هذه، أنا أعرف يا أخي! أن الخميس شرق أبها، أتريد أن ترجعني إلى الغرب، ليس معقولاً يا أخي! فيقول: يا شيخ! لا شرق ولا غرب أنت مخطئ، نحن نعرف الطريق، نحن أهل البلد.

تقول: لا.

مخطئ أنت.

ومشيتُ قليلاً، ولقيني شخص وقال لي: إلى أين أنت ذاهب؟! تقول: ذاهب إلى الخميس.

قال: لا.

هذه ليست طريق الخميس.

فهنا تبدأ الثقة تهتز، فأقول: والله الاثنان ليس من المعقول أن يكونا كاذبَين وأنا الصادق، وبعد قليل أدوِّر السيارة وأرجع؛ لأني لا أعرف طريق الخميس أصلاًَ.

ولذا أنا أدعو الناس وإخواني في الله أن يعرفوا الدين حقيقةً، الله يقول: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد:١٩] الذي يعلم دينه الحقيقي بالدليل من الكتاب والسنة لا يَضِل، والله لو اجتمع أهل الأرض كلهم ليضلوه فلن يستطيعوا، ولهذا كان شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في أول الرسائل يقول: اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلُّم أربع مسائل: الأولى: معرفة الله.

الثانية: معرفة رسوله.

الثالثة: معرفة دينه.

الرابعة: معرفة الأدلة.

هذا معناه في علم الدين.

فعليك -أيها المسلم- أن تتعلم الدين، فإذا تعلمته وثقت فيه، وإذا وثقت فيه لا أحد يضلك أبداً، فالثقة بدين الله مسألة من مسائل الثبات؛ لأنك من عندما تتزعزع عندك الثقة بأنك على الدين الصحيح أو لا فمباشرة تهتز، لكن إذا عرفت أنك أنت على الدين الصحيح، وأن أهل الأرض لو كانوا كلهم على الباطل لا تتزعزع، ولا ترجع عن دين الله، وتثبت حتى تلقى الله عز وجل.