للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من السعداء: رجل قلبه معلق بالمساجد]

الثالث: الذين يعمرون مساجد الله بالصلاة، حتى لكأنهم مربوطون بالمساجد، قال: (ورجل قلبه معلق بالمساجد) أي: مربوط، حتى إذا خرج جسده فإنه يخرج من مكانه لكن قلبه في المسجد، جسده في البيت يأكل لكن قلبه في المسجد، ينام وقد وقَّت الساعة على صلاة الفجر، يذهب إلى الدوام وقلبه في المسجد، لا يسمع الأذان إلا وقد قام، قال عليه الصلاة والسلام: (ورجل قلبه معلق بالمساجد) لأنه يجد الأمن والطمأنينة، والأنس والراحة واللذة في بيت الله عزَّ وجلَّ، أكرم مكان يكون عند المؤمن إذا دخل المسجد، الله أكبر ما أعظم تلك اللحظات! وإذا أردت أن تعرف إيمانك أو عدمه فقسه بهذا المقياس.

أما المنافق فيضيق من المسجد مثل الطير في القفص، والمؤمن يرتاح في المسجد مثل السمكة في البحر، لا يجد أنسه إلا هناك، ولولا أنه مطلوب منه أن يعيش بأمر الدين خارج المسجد لَجَلَس في المسجد طيلة عمره، لكنه يسحب نفسه إذا خرج، وإذا رأيته وجدته آخر من يخرج من المسجد، وإذا جاء فهو أول من يجيء؛ لكن ذاك بالعكس فهو آخر من يأتي، وأول من يخرج، لماذا؟ لأنه لا يجره إلى المسجد إلا شيء كخيوط بسيطة والعياذ بالله.