للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يوم الآزفة]

من أسماء يوم القيامة: (يوم الآزفة).

ومعنى الآزفة: يعني: القريبة، وسميت بالآزفة؛ لقرب وقوعها ولاقتراب حدوثها، يقول الله عز وجل: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} [النجم:٥٧ - ٥٨] ويقول تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٨ - ١٩] {يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ} [غافر:١٨] القلب أصبح في الحنجرة من الخوف، وتعرف هذا إذا كنت في الطائرة ثم حصل هبوط مفاجئ أو مطب هوائي ماذا يحصل عندك؟ يرتفع شواك (أي: جلد رأسك)، وتحس أن قلبك تزداد نبضاته، ونفسك يكاد ينكتم لماذا؟ لأنه حدث حدثٌ صعبٌ، تتصور أن الطائرة تحطمت، وهي ما تحطمت، وإنما نزلت عشرة أمتار، أو عشرين متراً، أو خمسين متراً، وإذا كان الهبوط قوياً مفاجئاً فإن بعض الناس يموتون، ولذا يؤمر الركاب بربط الأحزمة من أجل أنه إذا حدث شيء إذا بهم على الأقل جهزوا أنفسهم.

لكن يوم القيامة أهوال ليست مثل هذا الهول، أهوال يقول الله عنها: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٨ - ١٩].

والساعة آزفة وقريبة، ومعروف أن كل آت فهو قريب، وإن غداً لناظريه لقريب مهما بعد.

والساعة بعد ظهور علاماتها تكون أكثر قرباً ووقوعها أكثر احتمالاً، إذا كانت هناك سيارة سوف تأتي -مثلاً- من الرياض، ويعطيك شخص خبراً عنها بواسطة تليفون أو برقية، متى تصل السيارة؟ يقول لك: تحركت السيارة من الرياض الساعة السابعة صباحاً، تضرب لها زمناً قياسياً تقول: تقريباً عشر ساعات أو اثنا عشر ساعة على أبعد تقدير، فلا تذهب تنتظرها من أول الوقت، تقعد للساعة الرابعة أو الخامسة ثم تجلس في الطريق، وكلما جاءت سيارة تقول: لعلها هذه، لعلها هذه؛ لأنه أزف موعدها.

أي: قرب، فإذا هو أعطاك علامات: بأن السيارة لونها كذا، أو شكلها كذا، ثم رأيت سيارة شبيهة لها قلت: هذه هي، وإذا رأيتها على ما وصف لك قلت: نعم، هذه هي، فالآن الله أخبرنا عن الساعة، وعلاماتها، وقد رأينا أكثر علاماتها، فإذن هي آتية، وكل ما هو آتٍ آت، وما أتت علامته فقد أصبح وقوعه أكثر قرباً.