الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فيا أيها الأحبة في الله! هذا الدرس يأتي ضمن سلسلة الدروس الشهرية بعنوان: تأملات قرآنية) وهو يلقى في مدينة جدة في مسجد الحارثي بحي الإسكان الجنوبي، بعد مغرب يوم السبت الموافق (٢٩ ذي القعدة ١٤١٥ للهجرة) على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وعنوان تأملاتنا هذه الليلة قول الله عز وجل:{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّار}[الأنعام:٢٧] واختياري لهذا العنوان؛ لأن هذه الآية جاءت في سياق تأملاتنا لسورة الأنعام.
وذكر النار -أيها الإخوة- مطلوبٌ خصوصاً في هذه الأزمان التي شردت فيها القلوب عن الله، وغفلت النفوس عن تذكر الآخرة، حتى لكأن الذي يرانا يجزم بأننا إما أننا لا نؤمن بالنار، أو لا نعرف النار؛ لأن السلوك والأعمال والتصرفات توحي بهذا، فمن يعرف النار ومدى قدرته ومقاومته لها، ويؤمن بحقيقة وجود النار، ثم يسلك تلك المسالك ويتصرف تلك التصرفات، لا يمكن أن يصدق العقل هذا، لذا كان لا بد من ذكرها وما أعد الله عز وجل فيها، وما توعد الله الكفار والمنافقين والعصاة والفسقة من ألوان العذاب الذي لا يتصوره العقل.
يقول الله عز وجل:{وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧].
كل ما يمكن أن يخطر في بال الإنسان من ضخامة وأصناف العذاب، فإن هذا الذي يخطر في البال لا يمكن أن يصل إلى جزء من حقائق ما سيكون في النار، ويكفينا قول الله عز وجل:{وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧].