للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه لأهل المعاشات المتقاعدين]

السؤال

فضيلة الشيخ أشهد الله على حبك، ولكن في الدرس الماضي هاجمت المتقاعدين مما جعل بعض أفراد أسرتي يدعون لك، وأنا أؤمن على الدعاء، فضيلة الشيخ! عندما كنا نحن المتقاعدون على رأس العمل كان بعضنا لا يدخل بيته إلا في الليل؛ لأنه في واجباته الوظيفية، والبعض يذهب في الليل ولا يأتي إلا في الصباح؛ لأن عمله في الليل، ويدخل بيته متعباً فلا يسأل عن شيء، وبعد التقاعد تفرغنا لمشاكل بيوتنا وأولادنا ونسائنا، ونلاحظ أموراً فيها بعض الخطأ ونريد تعديله، ولكن بعد كلامك لا يستجاب لنا فماذا تقول؟ أما برنامجنا فهو طيب، ولكن ماذا تقول وما تعليقكم على هذا الأمر؟

الجواب

أولاً أصحح كلمة الأخ، يقول: إنني هاجمت المتقاعدين وأنا في الحقيقة ما هاجمت المتقاعدين وإنما هنأت المتقاعدين، وغبطتهم وقلت: الحمد لله الذي مد في أعماركم، ثم أعطاكم فرصة للعيش بغير تعب ولا عمل، وأعطاكم الراتب كاملاً، راتبك الذي كنت تأخذه وأنت تكد قالت الدولة: كثر الله خيرك، قد أديت واجبك وقمت بشرف الوظيفة حتى خرجت منها سالماً تفضل خذ الراتب وأنت نائم، من أجل ماذا؟ تتفرغ لعبادة الله، ولكني قلت: إن بعض المتقاعدين لما فرَّغتهم الدولة لما يهمهم في حياتهم تفرغوا للمرأة والأولاد، وأصبح الرجل ما معه أحد يأمره وينهاه فقد كان مسئولاً أو مديراً أو عريفاً أو رقيباً أو ضابطاً وكان يأمر وينهى، وعندما دخل الإدارة بعد التقاعد لا طاعة له ولا أمر ولا نهي، وعندما ذهب إلى السوق لم يرحب به أحد، وعاد ودخل على المرأة ويا ويلها إذا ما احترمته، لماذا؟ لأن الأمر الآن قد صار على المرأة والأولاد، وجلس بالمرصاد على الكرسي، يتسمع ويراقب الحركات ويصحح الغلطات، وأدى هذا إلى أن المرأة لا تفرح به.

كان المفروض -يا أخي المسلم- يوم أن فرَّغك الله من العمل أن تتفرغ للعمل الأخروي، ومن ضمن العمل الأخروي: الإشراف على شئون أسرتك لكن بشيء من الحلم والحكمة وغض البصر؛ لأن الأمور في البيوت لا تمشي على الوضع الذي يرضاه، الذي يريد الأمور كلها مائة بالمائة يتعب؛ لأنه لا بد من الغلط، ولا بد من أن ينكسر قلص، أو تدخل ترى الكهرباء مسرجة أو النافذة مفتوحة والهواء قد غبر المكان، ليس كل شيء كما تريد، فأنت إذا انزعجت من أجل هذه، وهذه أشغلت نفسك وأزعجت أهلك، وجعلتهم يكرهونك، لكن إذا دخلت والكهرباء مسرجة أطفئها أنت، ولا تقعد تضارب عليها، وإذا دخلت والباب ليس مغلقاً أغلقه واسكت، أو رأيت شيئاً مكسوراً غض البصر ثم صحح بالتي هي أحسن.

وأيضاً نقول -حتى لا ينزعج أخونا- للنساء بارك الله فيهن: مادام الزوج متقاعد فعليكن أن تضبطن الأمور، واعرفن أنه ليس غائباً فقد صار موجوداً، فراعن مشاعره، وحاولن أن تخففن من الغلطات، وحاولن أن تصححن من الأمور وإذا رأيتنه انزعج فاعذرنه؛ لأنه كان موظفاً يأمر وينهى، والآن ليس معه إلا أنتن، فاصبرن عليه حتى يتأقلم مع الجو ويصبر إن شاء الله على الأمور.