أيضاً من أصول أهل السنة والجماعة: الإيمان بالبعث بعد الموت، وبكل ما يكون بعده مما أخبر الله به، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
أولاً: عذاب القبر ونعيمه، فإن هذا غيب، ومن معتقد أهل السنة والجماعة الإيمان به، والإيمان به يقتضي الاستعداد له، فإذا عرفت أنك مسئول في القبر وأنك معذب أو منعم؛ فإنك مباشرة تقف عند الأوامر وتنتهي عند النواهي، فتفعل ما أمرك الله به، وتنتهي عما نهاك الله عنه.
وأيضاً البعث: وهو إعادة الناس إلى الحياة كما كانوا أحياء، وأن الله يردهم مثلما كانوا، وأن الناس يفنون، وتتفرق أجسامهم، وتتقطع أوصالهم، ولا يبقى منهم إلا عَجبُ الذنب؛ وهي: حبة صغيرة في آخر العمود الفقري، وهذه أصل الإنسان، تبقى في التراب إلى أن يُنزل الله عز وجل ماء من بحر يقال له الحيوان من السماء، فتنبت منه هذه الحبَة كما تنبت الحِبة في حميل السيل، حتى يعود الناس كلهم كما كانوا أول مرة يوم أن خلقهم الله عز وجل، وهذا بعد النفخة الأولى، أما في النفخة الأولى فيصعقون، ثم ينزل هذا الماء وينبتون، ثم يُنفخ النفخة الثانية فتطير الأرواح من الصور إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين:{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَق وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[الزمر:٦٨ - ٦٩].
ثم بعد البعث الحشر، إلى المكان الذي هيأه الله عز وجل وأعده ليكون موعد الفصل والحساب للناس، ثم الحساب، وهو: محاسبة الناس على الأعمال، ووزن الأعمال ونشر الدواوين والدواوين هي: الكتب التي قد كتبت علينا، ما من إنسان إلا وله كتاب وديوان مسجل فيه كل عمله، فإذا مات قيل له: اقرأ كتابك: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}[الإسراء:١٣ - ١٤] وقال تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[الجاثية:٢٩].
ثم الصراط: وهو جسر على متن جهنم لا يمكن الوصول إلى الجنة إلا عن طريقه، والناس يجتازونه على ضوء أعمالهم وتمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله في هذه الدار.
والإيمان بالجنة وما أعد الله فيها من النعيم، وبالنار وما أعد الله فيها من العذاب الأليم، والاستعداد لهذا كله بالإيمان والعمل الصالح.