أنا رجل متدين ولله الحمد ولا أزكي نفسي، لي ابن يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، وقد زوجته من سن الثامنة عشرة، بحسب طلبه للزواج، فزوجته بفتاة متدينة والحمد لله، ورأيت في المنام أنه يدخن، فأحرقته بالسيجارة في المنام، ثم انتبهت من المنام، وبعد هذه الرؤيا بأيام قليلة بلغني أنه يشرب الدخان حقيقة، فأغضبني هذا، ولأني أحب في الله وأبغض في الله، فأرشدني جزاك الله خيراً ماذا أفعل معه إذا لم يسمع نصيحتي?
الجواب
أولاً: أريد أن أقف قليلاً عند الرؤيا حتى لا يتصور الناس أن كل رؤيا يراها حق، نحن لا نتلقى تشريعنا وديننا من الرؤى والأحلام، المصدر عندنا كتاب الله وسنة رسول الله والإجماع والقياس، هذه مصادر الشرع المتفق عليها، وهناك مصادر أخرى مختلف فيها، وهي: شرع من قبلنا، والاستصحاب، والاستحسان، والمصالح المرسلة، والتقليد، والاجتهاد، هذه مصادر مختلف فيها بين الأمة هل هي مصادر تشريع، وليس هذا مقام تفصيل فيها.
ولكن المصادر الشرعية لتلقي الأحكام: الكتاب والسنة والقياس والإجماع، أما الرؤى والأحلام فليست كل رؤيا تؤخذ على ما هي ونفسرها؛ لأن منها ما يكون حديثاً للنفس، ومنها ما يكون من الشيطان، ومنها ما يكون من الله، والرسول صلى الله عليه وسلم قد علمنا أنه إذا رأى أحدنا ما يكره في نومه فليتفل عن يساره وليستعذ بالله من الشيطان، لا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره.
لكن لو أخبر بها وعُبرت فربما تقع، وإذا رأى ما يحب فليخبر من يحب، والرؤيا تسر ولا تضر، وأحياناً يريد الشيطان أن يوقع بين المسلمين والمؤمنين البغضاء ويزعزع ثقتهم في بعضهم، فيريك رؤيا أن فلاناً يدخن أو أن فلاناً حالق لحيته، أو أن فلان رأيته في المنام يزني مع واحدة، هذه من الشيطان من أجل أن تأتي في اليوم الثاني وذاك الذي كنت تحبه ورأيته في المنام أنه يزني تكرهه، لماذا؟ لأنك رأيته في المنام يزني، حسناً ما ذنبه هو؟ الشيطان هو الذي تصور لك ولعب عليك وجعلك تكره أخاك، فلا تبن حكماً على رؤيا.
أما كونك رأيت ولدك على هذا الشيء ثم أصبح حقيقة، فهذا علاجه بوسائل: أولاً: تبحث؛ مع من يجلس ولدك المتدين؟ اسأل مع من يجلس؟ لأنه ما دخل عليه الدخان اعتباطا، ما جاء الدخان إلا مع شخص يأخذه معه وجلسا سوياً وقال له: ما رأيك خذ يا شيخ فيرفض، فيقول: إذاً أنت مسكين أنت لا تعيش الحياة التي نعيشها ثم يقول: أنا إذا دخنت أرى الدنيا كلها في يدي، أنبسط وتذهب الهموم والغموم والمشاكل ويقولون: دخن عليها تنجلي.
أي مشكلة تدخن عليها وترى الدنيا كلها آمالاً.
ذلك المسكين قال: سنجرب فنحن نريدها أن تنجلي، فيأخذها ويمصها أولاً ثم ثانياً ثم ثالثاً، حتى يستسيغها، فابحث أولاً مع من يجلس ولدك؟ وَحُلْ بينه وبين جلساء السوء، ثم ما دام ولدك قد أصبح رجلاً كبيراً فاجلس معه جلسات منطقية متعقلة، وقل له: يا ولدي، يا ولدي، يا ولدي، ربيتك أدبتك زوجتك، يا ولدي هذا الشيء ليس لي ولا لك، هذا الشيء نعوذ بالله منه، نذهب أنا وأنت إلى العلماء، نذهب إلى طلبة العلم نسأل ونستفيد، إن كان حلالاً أنا أشرب معك يا ولدي، وإن كان حراماً فلا.
والله! لا أريدك أن تشرب حراماً، وهكذا وادع الله تعالى له في الليل وخذه إلى مجالس العلم، وأسمعه الأشرطة الإسلامية، واربطه بجلساء طيبين، فإن استقام فالحمد لله، وإذا أصر بعدها فعليك هجره؛ لأن آخر العلاج الكي.