الصدق في الأسعار؛ لا تكذب؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال:(... التاجر الأمين الصدوق ...) هكذا كان تجار الصحابة وتجار السلف صادقين لا يعرفون الكذب أبداً، وأحد السلف وضع غلامه مكانه وذهب يصلي، ولما رجع جاءه الغلام فبشره، وكان يبيع الشملات، الشملة بمائتي ريال، فقد قال الغلام لعمه: لقد بعتها بأربعمائة.
يعني كَسَّبْتُك، فالذي اشترى مسكين لا يعرف الأسعار، فباعها بأربعمائة.
قال: أين هو؟ قال: ذهب.
قال: اذهب وائت به.
فذهب ليبحث عنه فما وجده.
قال: ائت به وأنت حر لوجه الله.
فذهب العبد وجَدَّ في البحث إلى أن أتى به.
قال: سيدي يريدك.
قال: ماذا يريد مني؟ قال: يريدك.
قال: ألم أشتر أنا؟ قال: لا.
السعر ليس بصحيح.
فتصور الرجل أن البائع سيزيد في الثمن، ولما جاء إليه قال له: السعر الذي باع لك به الغلام غير صحيح.
قال: إني رضيت.
قال: لا، أنت اشتريت بأربعمائة والثمن مائتان، هذه مائتان أو خذ شملة أخرى.
قال: بارك الله لك في رزقك.
هؤلاء التجار بالفعل، لكن لو أن أحداً من تجارنا باع له عامله شيئاً بزيادة في السعر ماذا سيقول له؟ سيقول له: أحسنت! الله يبارك فيك.
ويمدحه؛ لأنه زاد له حراماً والعياذ بالله! فالصدق مطلوب، فقد كان التاجر إذا استفتح في أول النهار وجاءه مشترٍ يبيع له، فإذا جاء مشترٍ ثانٍ يقول له: اذهب لجاري لماذا؟ يقول: قد استفتحت، لكن الآن يراه من هناك فيناديه: تعال، لا تأتِ عند جاري، الجيد عندي والخبيث عند جاري! أين الصدق؟ وأين الأمانة أيها الإخوة؟! لا بد أن تكون صادقاً، والصدق في التجارة من أعظم أنواع الكسب؛ لأنك تكسب ثقة الناس، إذا عرف الناس أنك صادق في أقوالك فإن الناس كلهم يأتونك، وإذا عرفوا أنك كذاب تهامزوا عليك في كل مجلس وميدان، كذبت مرة ونجحت بها لكنك تخسر بعد ذلك في الدنيا وتخسر في الآخرة.