رابعاً: من أسباب الخشوع قبل الصلاة أيضاً: الاستعداد للصلاة بالملابس النظيفة الجميلة وبالرائحة الطيبة؛ لأن الله يقول:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف:٣١] لكننا نأخذ الزينة عند كل ملعب، أو الحفلة أو المناسبة أو الدوام لكن عند كل صلاة لا نأخذ تلك الزينة، فبعض الناس يصلي في بجامة أو ثوب النوم، ويأتي بثياب رائحتها كريهة -والعياذ بالله- قام من النوم وجاء يصلي، يا أخي لماذا هذا الفعل؟ يا أخي! صلِّ في أحسن ثيابك، وخذ ثوباً نظيفاً، وقبل أن تخرج خذ شيئاً من الطيب، حتى إذا صليت إلى جانب أخيك المسلم فإنه يشم رائحتك الجميلة فيأنس بك، لكن بعضهم رائحته قذرة: إما بالدخان، أو بالبصل، أو بالثوم، أو بالرائحة القذرة، وهذا يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم حذر من هذا وقال:(من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مصلانا) وهذا ما يسميه العلماء كف يد، هذه عقوبة من أعظم العقوبات، بعض الناس يأكل ثوماً أو بصلاً ويقول: أصلي في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فلا يقربن مصلانا) فيأكل الثوم والبصل من أجل أن يجلس ويصلي في البيت، نقول: لا.
إنه ما أذن لك أن تصلي في بيتك ولكنها عقوبة وزجر لك أن منعك من أن تقرب المصلى، لأنك أكلت ثوماً، وما دام منعت من الصلاة في المصلى فإنها مصيبة نزلت عليك.
لذلك لا تأكل لا ثوماً ولا بصلاً حتى لا تمنع من أداء الصلاة في المسجد، فتستعد للصلاة في المسجد في أحسن ثياب وأحسن ريح وأحسن طيب، وأذكر أنني أعرف رجلاً من الصالحين -أسأل الله أن يسكنه فسيح جناته- من أهل أبها توفي قبل سنوات، هذا الرجل كان مسئولاً في الدولة وبعد ذلك أحيل إلى المعاش، وكان معروفاً بحبه للصلاة وللتزين فيها، يعني: لا يخرج إلى المسجد إلا وكأنه قطعة ثلج أبيض، وحين يمشي من بيته إلى المسجد إلا ورائحته في الشارع تعبق وراءه، حتى الكوت نفسه أبيض وغترة بيضاء، ولما سئل عن ذلك، قال: أنا ألبس للدوام وللمزرعة وللعمل ثياباً أخرى، لكن الصلاة لا أستطيع أن أقف بين يدي الله إلا في ثياب بيضاء حتى يكون قلبي أبيض، وأسأل الله أن يجعلني مع من يبيض الله وجوههم يوم القيامة.
وقد جاء في الحديث الصحيح:(إن أحب الثياب إلى الله البيضاء) وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكفن بها الموتى، وليس معنى هذا أن هذه السوداء محرمة بل هي مباحة لكن البيضاء أفضل منها، لماذا؟ قال العلماء: لأن البياض يظهر فيه أثر القذر أما السواد فلا يظهر.
ومن الأمور التي يستعد لها الإنسان في الصلاة قبل الدخول فيها: الحرص على إبعاد ما يشغله عن الصلاة بين يدي الله من لباس أو فراش أو نقوش أو سجادة، أو أي شيء يشغلك أمامك أبعده، فقد ثبت في الصحيحين:(أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام -يعني: خطوط- ثم لما انصرف من صلاته خلعها، وقال: اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بإمبجانيته فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) خطوط معلمة في الأرضية خلعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم بها وقال: أعطوني إمبجانيته التي لا خطوط فيها، لماذا؟ حتى لا ينشغل الإنسان في الصلاة.