ثم نسمع بعض الناس يقول: إنها قسوة، وأقول: إن من يرحم هؤلاء مجرم؛ لأن أرحم الراحمين هو الذي سن هذه الشريعة، فهذه الشريعة سيقت لهم، يقول الله عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا}[المائدة:٣٣] وليس أن يقتَلوا بل يُقَتَّلُوا بتقطيعهم قطعة قطعة حتى يذوقوا وبال أمرهم، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو أرحم خلق الله بخلق الله، حتى قال الله فيه:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة:١٢٨] لكنه في حدود الله لا تأخذه في الله لومة لائم.
قدم مجموعة من العرنيين عليه صلى الله عليه وسلم وكأنهم اجتووا المدينة، يعني: ما ناسبتهم المدينة، انتفخت بطونهم وصار فيهم وباء، رحمهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأشفق عليهم فأخذ مجموعة من الإبل وأعطاها لراع من الصحابة وقال: اخرج بهم في طرف المدينة لتأكل هذه الإبل من أشجار البادية ويشربون من ألبانها وأبوالها لعلهم يسلمون، وفعلاً شربوا من لبن الإبل فذهبت الأمراض عنهم، وانتفخت أجسادهم بالقوة والعضلات، وبعد ذلك قلبوا ظهر المجن وقتلوا الراعي وساقوا الإبل وسرقوها وسملوا عينيه، أخذوا حديداً وأحموه في نار وأدخلوه في عينيه بعدما قتلوه، فبلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في طلبهم مجموعة من الصحابة منهم علي وعمار وجيء بهم، ولما جيء بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حكَّم فيهم شرع الله فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ثم سمل أعينهم، ثم تركهم في الشمس حتى ماتوا عقوبة لهم وردعاً لأمثالهم، ولهذا يقول الله:{ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة:٣٣] هذه وجبة الإفطار والعشاء في جهنم، فنحمد الله الذي لا إله إلا هو الذي يسر للقائمين في هذه البلاد أمر القبض على هؤلاء واكتشافهم، وهذا من نعم الله، ودليل على أن الله يرعى هذه البلاد إذ لو لم تكن هناك إعانة ورعاية من الله فمن يكشفهم وسط هذه الجموع وهذه الملايين، لكن ربك بالمرصاد، ثم نشكر المسئولين على تنفيذ أمر الله بدون مجاملة؛ لأنه والله لو لم يقتل هؤلاء لجاءنا السنة الآتية أكثر منهم وبالتالي يكثر الفساد، لكن اقطعها تبرأ، ولن ترى مجرماً -بإذن الله- لأنه يعرف أن رأسه سيرمى به مثل الكرة، والله يقول:{وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً}[الإسراء:٨].
فنسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يديم علينا وعليكم وعلى المسلمين في جميع ديار المسلمين أمننا واطمئناننا واستقرارنا، وأن يوفق حكام المسلمين للعمل بشريعة الله عز وجل وتحكيمها في شعوبهم، كما نسأله أن يوفق حكام هذه البلاد لزيادة التمسك والعمل بدين الله عز وجل وإعلاء كلمة الله؛ فإنهم في ذلك إنما يحققون ما أمر الله به من العدل والإنصاف والحياة المستقيمة على وجه هذه الأرض.