للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نظرية فروبل في حقيقة الحياة والرد عليها]

جاءت كثير من النظريات التي لا مجال لتعدادها، منهم شخص اسمه فروبل، يقول: إن نظريته قائمة على اللعب، وإن الله خلقنا في هذه الحياة من أجل أن نلعب.

هذا مطرب يحب اللعب! ويقول: إن الناس ما خلقوا إلا للعب، ولما سئل: لِمَ يا فروبل؟ قال: ألا ترون الطفل الصغير لا يجلس إلا للعب دائماً باستمرار، يقول: لو أردت أن تجلس في مجلس وتلاحظ حركة طفل في السنة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة أو السادسة، فإنك تلاحظ فيه أنه لا يمكن أن يجلس خمس دقائق على نفس الجلسة، ثم يقوم يجلس ويتوقف ويقوم، لا بد أن يتحرك، فقال: هذا اللعب عند الإنسان دليل على أن الحياة كلها لعب.

قيل له: يا فروبل! لا، اللعب في حياة الطفل لغرض؛ وهو أن الطفل ينمو، وما من يومٍ يمر عليه إلا وهو في زيادة في النمو، هذا النمو يجب أن يقابل بحركة من الإنسان، فإذا توقف الإنسان عن الحركة، توقف النمو، فحتى ينمو لا بد أن يتحرك، فإذا اكتمل بنيان الإنسان فلن يتحرك حركة إلا حركة إرادية؛ عندما يكون عمره عشرين سنة لو تحرك كيف ما تحرك لن يطول، ولذلك إذا فصَّل ثوباً وعمره عشرون سنة فلن يطول سنتيمتراً واحداً، انتهى، لكن من عمر سنة إلى أن يبلغ الإنسان وهو ينمو وينمو، فيجد أنه يتحرك حتى تنمو فيه العضلات، وتساعد على نمو جسمه، لكن لو توقف نموه عند سن معين يتوقف، ولو وقفت حركته لتوقف نموه، وهكذا.

أجل! من الذي يجيب على هذه الأسئلة؟ ومن الذي يخبرنا عن حقيقة هذه الحياة؟ ومن الذي يخبرنا عن سر وجودنا في هذه الحياة؟ ولماذا جئنا؟ إن الجواب الصحيح لا يمكن أن يوجد إلا من خالق هذه الحياة، وموجد هذا الإنسان، ألا وهو الله الذي لا إله إلا هو.

أما هذه الحياة فقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أنها دار عمل، وأنها سوق ونحن نخوض غماره؛ فلنعمل فيه صالحاً، أو لنعمل فيه سيئاً، وأن الجزاء في الآخرة على ضوء السلوك في هذه الدنيا؛ قال عز وجل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل:٨٩ - ٩٠]، وقال عز وجل: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد:٢٠].