[كيفية الوضوء]
قبل الصلاة هناك مفتاح اسمه الوضوء أو الطهارة، وإذا جئت إلى الصلاة بغير المفتاح -الوضوء- ما فتحت لك الصلاة، فقبلها لا بد أن تتطهر، والوضوء هو طهارة واجبة أوجبها الشرع من الحدث الأصغر، والحدث الأصغر كالبول والغائط والريح والنوم العميق وأكل لحم الإبل وغير ذلك، هذه نواقض الوضوء إذا حصل لك منها ناقض لزمك أن ترفع الناقض وتستوجب الطهارة بالوضوء الشرعي.
وأيضاً هناك الغسل: وهو طهارة واجبة من الحدث الأكبر وهو الجنابة التي تأتي عن طريق الاحتلام أو الجماع أو الاستمناء أو عن طريق الجهد والإيلاج ولو لم يمنِ، فإذا جامع الشخص ولم يمن وجب عليه الغسل بعد الإيلاج، وتأتي عن طريق الحيض وعن طريق النفاس، فهذه اسمها حدث أكبر، فالجنابة والحيض والنفاس ترفع بالغسل.
أما كيفية الوضوء فهو أن ينوي الوضوء بقلبه بدون تلفظ؛ لأن التلفظ بالنية في سائر العبادات غير الحج والذبح (الأضحية) بدعة لم تثبت، فتنوي -يعني تستحضر في قلبك- أنك ذاهب تتوضأ، ولو توضأت بغير نيةٍ قلبية فوضوءك فاسد، فالنية مطلوبة لكن من غير تلفظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بها في وضوئه ولا في صلاته ولا في شيءٍ من عباداته؛ ولأن الله يعرف ما في قلبك فلا داعي أن تخبر بما فيه، فلا داعي أن تقول: وقفت ونويت أصلي صلاة المغرب ثلاث ركعات فتقبلها مني.
فقد علم ربك أنك ستصلي، فاستحضرها بقلبك بدون إشهاد.
وبعد النية يسمي الله ويقول باسم الله.
ونحن نعني بالوضوء الذي بعد الاستنجاء، ولا ينبغي أن تخلطوا بين الوضوء والاستنجاء، فالاستنجاء شيء ليس له علاقة بالوضوء، فهو منفصل عن الوضوء وعن الصلاة.
والاستنجاء هو غسل محل الخارج من السبيلين بالماء، والاستجمار هو إزالته بالحجارة.
فأنت إذا خرجت الآن بعد صلاة العشاء ودخلت الحمام ألست تستنجي؟ بلى، تستنجي ولو لم ترد صلاةً.
فنحن نتكلم الآن عن الوضوء الذي تريد به أن تستبيح الصلاة وأن تدخل في الصلاة فبعد أن تنوي تسمي الله، ثم تغسل يديك ثلاث مرات، وإذا كان تحت الصنبور فلتغسلها بما يوازي الثلاث مرات.
ثم تتمضمض وتستنشق ثلاث مرات، إن شئت تمضمضت مضمضة منفصلة عن الاستنشاق ثلاثاً واستنشقت ثلاثاً وإن شئت جمعت بين المضمضة والاستنشاق مرةً واحدةً ثم ثانية ثم ثالثة، فالصورتان واردتان.
ثم بعد ذلك تغسل وجهك ثلاث مرات، وحدود الوجه من الأذن إلى الأذن عرضاً، ومن منابت شعر الرأس إلى أسفل اللحية طولاً، تغسله ثلاث مرات.
ثم تغسل يديك إلى المرفقين، وحدود اليد من رأس الأصبع إلى المرفقين، فتغسلها ثلاث مرات، تبدأ باليمنى ثم تغسل اليسرى، ولو بدأت باليسرى فلا يصح، لا بد أن تبدأ بيمينك في غسلها من رأس بنانك إلى آخر المرفق.
ثم بعد ذلك تمسح رأسك مرةً واحدةً، فكل ما سيق يكرر غسله ثلاث مرات إلا مسح الرأس فإنه مرةٌ واحدة، تبل يديك ثم تنثرهما ثم تمرهما من مقدم رأسك إلى مؤخره ثم تعود بهما من مؤخره إلى مقدمه، هذا هو الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم تنتقل إلى أذنيك فتمسحهما مرةً واحدةً، إن شئت بما بقي من بلل يديك بعد مسح رأسك، وإن شئت بماءٍ جديد تبل يديك ثم تنثرها ثم تدخل إصبعيك السبابتين في صماخ الأذنين وتمسح بإبهامهما ظاهر الأذنين، تديرهما على الظاهر، السبابتين في الصماخين، والإبهام في ظاهر الأذن.
ثم بعد ذلك تنتقل إلى قدميك وتغسلهما ثلاث مرات من رءوس أصابعهما إلى أعلى الكعبين تبدأ باليمنى ثم تنتهي باليسرى.
وتكون بهذا توضأت الوضوء الشرعي الثابت الصحيح في جميع الروايات؛ لأن هذه المعلومات مقتبسة ومنتقاة مما صح وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد ذلك تستقبل القبلة وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الأول ثبت في الصحيحين والثاني ثبت في السنن، وفيه مقال لكنه يُحتج به ويُعمل به، وإذا قلت هذا الدعاء بعد الوضوء حصل لك ثواب، وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل منها أيها شاء) وفي الحديث الصحيح الآخر قال: (إذا توضأ المسلم فتمضمض فغسل يديه خرج مع آخر قطر الماء كل خطيئة مستها يده، فإذا تمضمض خرج مع آخر قطر الماء كل خطيئة قالها بلسانه، فإذا غسل وجهه خرج مع آخر قطر الماء كل خطيئةٍ مستها عينيه أو أذنيه أو يديه أو رجليه حتى يخرج من الوضوء ولا ذنب له) هذا فضلٌ عظيم لا يفوت إلا محروماً -والعياذ بالله-.