مفهوم العبادة في الإسلام مفهوم واسع يشمل كل الحياة، فليس مفهوماً مقصوراً على الشعائر فقط، فالشعائر التعبدية هي أساس العبادة، لكن كل ما في الكون عبادة كما يعرفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه في كتابه العبودية يقول: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
فكل عمل يحبه الله ويرضاه فهو عبادة، حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه أخيك صدقة، وهذه عملية ليس لها علاقة بالدين، لكن جعلها الإسلام عبادة، فإذا لم يكن عندك عبادة كثيرة فاخرج إلى الشارع، وعندما تلقى مسلماً قل له: السلام عليكم، كيف حالك يا أخي؟ صبحك الله بالخير تسجل حسنات، لماذا؟ قالوا: لأنك بالابتسامة والسلام تزرع في قلب المسلم الأمن والطمأنينة فتنشر الحب والود في المسلمين، ولا يظهر الدين إلا في أرض الحب، يقول صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده! لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ثم قال: أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
وإفشاء السلام من أعظم القربات عند الله عندما تخرج بهذه النية:(إن في الجنة لغرفاً يرى ظاهرها من باطنها، ويرى باطنها من ظاهرها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام).
بل جعل الإسلام شيئاً من الشهوات واللذائذ النفسية طاعة وعبادة، قال عليه الصلاة والسلام:(وفي بضع أحدكم صدقة -يعني: إذا جئت أهلك فإنها صدقة- فاستغرب الصحابة وقالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم.
قال: فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر).
بل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وهذه هي عملية البلدية في تنظيف الشوارع، ولكن الإسلام يدعوك -أيها المسلم- أن تساهم في نظافة الشارع؛ لأن الشارع ملك الجميع، فلا يجوز لك أن تلوثه، بل يجب عليك إذا رأيت شيئاً من الأذى أن ترفعه، ولهذا ورد حديث في الصحيحين:(الإيمان بضع وستون -وفي رواية: بضع وسبعون- شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان) هذه العبادة بمفهومها الشامل.