الأمانة الثامنة: أمانة البطن، لا تأكل فيه منكراً أو حراماً، كل هذه الجوارح أمانة عندك واصنع ما شئت، فالآن لا أحد يسألك، لكن يوم القيامة تسأل، والذي يشهد عليك هي نفس الجوارح، يقول الله عز وجل:{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}[فصلت:١٩ - ٢١] الذي أنطق لحمة اللسان ينطق غيرها، وينطق كل شيء؛ لأن الله قادر على كل شيء سبحانه وتعالى.
فهذه أيها الإخوة أمانات مستودعة عندك فاتق الله فيها، وهذا هو المفهوم العام -أيها الإخوة- وإن كانت الكلمة -الأمانة- تحتاج إلى الحديث بشكل أوسع؛ لأنها تشمل الدين كله، لكن نكتفي بهذا في الثلاثة الفروع: الأول: بينك وبين الله من توحيده وعبادته، الثاني: بينك وبين الناس من القيام بحقوقهم والإحسان إليهم، سواءً كانوا أقارب أو أباعد، الثالث: بينك وبين نفسك في الحواس والجوارح التي منحت لك من أجل أن تستخدمها في الخير ولا تستخدمها في الشر.
فاسأل نفسك: هل حفظت هذه الأمانة أم ضيعتها؟ وعلى ضوء حفظك للأمانة أو ضياعك لها يتقرر مصيرك في الدار الآخرة، إما الحفظ فالنجاح والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وإما الضياع فالدمار والخسار والنار والعار في الدنيا والآخرة.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعيننا وإياكم على حفظ الأمانة، وأن يجعلنا وإياكم ممن يؤديها حق أدائها، كما نسأله سبحانه وتعالى أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنه سميع الدعاء.
اللهم احفظ لنا ديننا وأمننا ونعمتنا واستقرارنا، اللهم من أرادنا في ديارنا أو غيرنا من ديار المسلمين بسوء أو شر أو كيد فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، وأنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم وفق ولاة أمورنا وعلمائنا ودعاتنا ومشايخنا وشبابنا وشاباتنا وجميع المسلمين إلى العمل بهذا الدين والدعوة إليه والحرص عليه والمناصرة له، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.