للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقتضى عدل الله موجب للبعث والنشور]

من حكمة الله ومقتضى عدله أن يوجب وجود بعث وجزاء بعد الموت لا بد.

وإلا فإن هذا مناقض ومعارض للعدل الرباني الإلهي، لماذا؟ لأن الله خلق الخلق لعبادته، وأرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب لبيان الطريق الموصلة إليه، فانقسم الناس إلى قسمين: قسم استجاب واستقام على طاعة الله، وعمل في سبيل الله، وبذل نفسه وماله وحياته كلها في دين الله.

وقسم رفض دين الله، وكذب رسله، وقضى حياته كلها في محاربته هو ورسله، وفي إيذاء عباد الله؛ يفتك بالأرواح يسيل الدماء يهتك الأعراض يسرق الأموال يفسد في الأرض ثم يموتون كلهم، أفيليق في منطق العقل أن يموت ذلك الصالح وذلك الخبيث المنحرف الطالح ثم لا يجزي الله المحسن بإحسانه، ولا يعاقب المسيء على إساءته؟ هل هذا معقول؟ لا.

ولهذا يقول الله عز وجل: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} [القلم:٣٥ - ٣٨] ويقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:٢٧] ثم يقول: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:٢٨] أي: مستحيل، ويقول الله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:٢٠] ويقول: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الجاثية:٢١ - ٢٢].

هذه -أيها الإخوة- الأدلة السبعة التي نغرسها في قلوبنا، ونجزم عليها ونعيش في سبيلها، ونعيش عليها ونحن مؤمنون بلقاء الله، ويترجم هذا الإيمان ويصدق أو يكذب بسلوكنا، فإن من الناس من يقول: آمنا، ولكن فعله يكذب قوله، لا يكون صادقاً من قال: آمنا إلا إذا أقام على هذا الكلام دليلاً من عبادته وترك محارم الله تبارك وتعالى، واستقامته على منهج الله.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يرزقني وإياكم الإيمان القوي، وأن يثبتنا وإياكم عليه حتى نلقى الله.

والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تنبيه: ينتشر في هذه الأيام ورقة يقولون: إنها مصورة بالكمبيوتر على القصبة الهوائية والرئة اليمنى، وأن المتأمل فيها يقرأ كلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإذا كان الكلام صحيحاً، يعني: أن هذا جاء عن طريق تصوير لهذه الجزئية من جزئيات الجسد بالكمبيوتر والتكبير له، فإنه واضح من خلال القراءة لها كلمة: لا إله إلا الله محمد رسول الله -واضحة باللغة العربية- وبإمكان أي واحد منكم أن يراها، هذه من آيات الله الدالة على عظمة الله وقدرته، والله تعالى يقول: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت:٥٣] ولكن لسنا -أيها الإخوة- في شكٍ من أمر ديننا ولا عقيدتنا حتى نبحث عن المؤيدات، كأننا نقف ونريد من يثبتنا، لا.

نحن ثابتون ولو لم نر، هذه إن كانت حقاً فهي تزيد، وإن كانت ليست بحق فلا نتزعزع في إيماننا؛ لأننا نخشى أن يأتي يوم من الأيام يبحثونها فيقولوا: لا.

الأمر فيه خطأ إن كلمة: لا إله إلا الله محمد رسول الله كلمة حق عليها نعيش وعليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث إن شاء الله، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل لا إله إلا الله، وهذه لا تزيد المؤمن إلا إيماناً وتثبيتاً عند الله تبارك وتعالى.