للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة حقيقة الإنسان من أسباب السعادة]

المصيبة كل المصيبة أن الناس لا يعرفون أنفسهم، كيف لا يعرف الواحد نفسه؟! يقول الناظم:

دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر

وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

أنت لست بالرجل السهل، ويقول ابن القيم:

قد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

هيأك الله لأمر عظيم، خلقك بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأرسل إليك رسله، وأنزل عليهم كتبه، وأوعدك جنته إن أطعته، وتوعدك بناره إن عصيته، ثم تأتي فترعى مع الهمل، همك بطنك فقط، ماذا نأكل وماذا نتغدى وماذا نتعشى؟ وأين نذهب وعشاء وغداء، وأكياس تدخل وتخرج، وأكثر الناس اليوم ما شغلته إلا أكياس وزبالة، يدخل كيساً ويخرج الزبالة، لا يوجد بيت من بيوت المسلمين، إلا وحوله أكياس سوداء، وعاش المسلم وضاع بين الكيس والزبالة، شخص تقول له امرأته: هات معك، هات معك -تطلب حاجات- قال لها: أنت لا يوجد عندك إلا هات هات، لم تقولين يوماً من الأيام: خذ، قالت: خذ هذا إلى الزبالة.

إذاً من أنت أيها الإنسان؟ المصيبة كما قلت لكم: إن الناس لم يعرفوا ما حقيقة هذا الإنسان، إلا أبسط أجزائه، الإنسان مكون من خمسة أجزاء، عرف الناس واحداً وجهلوا الأربعة الباقية.