للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستعداد النفسي لاستقبال رمضان]

أولاً: أن يستعد الإنسان قلبياً ويفرح نفسياً برمضان، ويسأل الله أن يبلغه رمضان، كان الصحابة يقولون: [اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان] والناظم يقول:

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجبٍ حتى عصى ربه في شهر شعبان

ها قد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تصيره أيضاً شهر عصيان

اتل الكتاب وسبح فيه مجتهداً فإنه شهر تسبيح وقرآن

كم كنت تعرف ممن صام في سلفٍ من بين أهل وجيران وإخواني

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً فما أقرب القاصي من الداني

ومعجبٌ بثياب العيد يقطعها فأصبحت في غدٍ أثواب أكفان

حتى متى يعمر الإنسان مسكنه مصير مسكنه قبر لإنسان

وناظم آخر يقول:

أيا شهر الصيام فدتك نفسي تعجل بالمجيء والانتقال

فلا أدري إذا ما عدت يوماً على كل البرية كيف حالي

أتلقاني مع الأحياء حياً أو أنك تلقني في اللحد بالي

لا تعلم -يا أخي- يعود عليك رمضان أم لا، فرصة لك -يا أخي- مجيء رمضان، فجدد وضعك مع الله، واستقبله بنفسٍ مشرقة وقلبٍ حي، على أنه فرصة للعمل الصالح تنجح فيها -بإذن الله- ولذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وقال: (آمين آمين آمين، فقالوا له: يا رسول الله إنك تقول: آمين، وما سمعنا أحداً يكلمك؟ قال: أتاني جبريل فقال لي: رغم أنف -أي: خاب وخسر- من أدرك رمضان ولم يغفر له قل: آمين، فقلت: آمين).

إذا لم يغفر لك في رمضان، وما تبت في رمضان، ولا اهتديت في رمضان؛ فمتى تتوب؟ أئذا دخلت النار تتوب وتقول: ردوني أعمل صالحاً، مثلما يقول أهل النار: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:٩٩] ليس لك فرصة هناك، الآن فرصتك، الآن مد الله في أجلك، وأعطاك فرصة عظيمة عليك أن تستغلها.

ثم قال لي: (رغم أنف من أدرك أحد أبويه أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة -يعني: بالبر- قل: آمين، فقلت: آمين) الذي أمه وأبوه موجودان ولا دخل الجنة عن طريقهم فهذا خاسر، فرصة، وإذا مات أبوك وأمك فمن أين تأتي بهما؟ هل هناك آباء وأمهات يُشتَروْن في الأسواق من أجل تدخل بهم الجنة؟ والله لا يوجد، ليس معك إلا أمك وأباك، فإن هم أحياء فاستغلهم، فإنهم ضيوف عندك وسوف يموتون، عليك أن تبحث عن طاعة الله عن طريق طاعتهم، عليك أن تسلك إلى الله طريقاً عن طريقهم فإنهم باب الجنة: (الجنة تحت أقدام الأمهات) {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:١٤] {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:٢٣] والذي لا يتعرف على والديه ولا يتعرف على طاعتهم في الدنيا هذا جدير ألا يتعرف على طاعة الله؛ لأن أعرف الناس وأوثق الناس بك فضلاً بعد الله هم أبواك.

والثالث قال: (ورغم أنف من ذكرت عنده ولم يصلَّ عليك قل: أبعده الله، قلت: آمين) لماذا؟ لأنه ما الذي ينقص عليه لما يقول: اللهم صلَّ على محمد {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب:٥٦] فإذا كنتم في الأرض محرومين لا تريدون أن تصلوا عليه، فالله في السماء وملائكته في السماء يصلون على النبي، ثم قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وفي الحديث الصحيح: (من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا) فأنت لست بخاسر، صلِّ واحدة وربي يعطيك عشرة منه.