للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دك الجبال ونسفها]

من الأهوال: دك الجبال ونسفها: إذ يخبرنا الله عز وجل أن أرضنا هذه الثابتة وما عليها من الجبال الشم الراسية، أنها يوم القيامة تُحمل، ثم تُدك دكةً واحدة، قال الله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة:١٣ - ١٦] وعند ذلك تتحول القوة والصلابة والمتانة إلى رمل ناعم مطحون، لماذا؟! لأن الله حملها ودكها، فتطحن الجبال طحناً حتى تصير مثل الرمل، يقول عز وجل: {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتْ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً} [المزمل:١٤] مثل كثبان الرمل المهيلة المتفتتة الناعمة بعد قوتها وصلابتها يفتتها الله تبارك وتعالى، أي تصبح مثل هذا الوضع، وفي موضع آخر يقول تبارك وتعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} [المعارج:٩] والعهن: هو الصوف المنفوش أي: بعد قوتها تصير مثل العهن الذي إذا لمسته فملمسه ناعم، لماذا؟ لعظمة ما حصل لها من الدك والتدمير، ثم إن الله عز وجل يزيل هذه الجبال عن مواضعها، لا يبقى جبلاً أبداً، ويسوي الأرض حتى لا يكون فيها موضع مرتفع، تصير الأرض كلها مستوية ما فيها جبل ولا سهل ولا قصر ولا منخفضوإنما كلها سواء، يقول الله عز وجل: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التكوير:٣] ويقول: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} [النبأ:٢٠] ويقول: {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} [المرسلات:١٠] ويقول: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف:٤٧] أي ظاهرة لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، ويقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} [طه:١٠٥ - ١٠٧] كلها مستوية.