اختلف أهل العلم في هذه الكلمة: فبعضهم يقول: لا شيء فيها، وبعضهم يقول: الأولى تركها، والراجح أن الأولى تركها؛ لأدلة: الدليل الأول: أنها لم تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أمر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه والحديث في الصحيحين فقال له:(اقرأ، قال: أأقرأ وعليك أنزل؟ قال: نعم.
فإني أحب أن أسمع من غيري، قال: فقرأت من سورة النساء حتى بلغت قول الله عز وجل: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً}[النساء:٤١ - ٤٢] قال: فقال لي: حسبك، فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان بالدمع) صلوات الله وسلامه عليه، ولم يأمره بأن يقول: صدق الله العظيم.
وكان يقرأ صلى الله عليه وسلم وينهي قراءته ولم ينقل أنه كان يقول: صدق الله العظيم، ولو قيل لنقل، ولم ينقل عن الصحابة ولا عن سلف هذه الأمة وإنما جاء في القرون المتأخرة.
الدليل الثاني: قال العلماء: إن التصديق إنما يكون لمن يحتمل ويتوقع منه الكذب، فأنت تقول: صدق الله العظيم، لكن الذي لا يتوقع منه إلا الصدق ليس بحاجة إلى تصديقك أليس كذلك؟ فأنت إذا كنت مدرساً وسألت الطالب سؤالاً، ثم أجاب الطالب بعد أن سألته -أي: أعطاك الجواب الصحيح- ما هو موقفك أنت؛ لأنك أعلم من الطالب، ماذا تقول؟ هل تقول: صدقت أم لا؟ لكن إذا جاء الطالب وسألك وقال لك: يا أستاذ: كم أركان الإسلام؟ فقلت أنت: أركان الإسلام خمسة، قال لك الطالب: صدقت، ماذا تقول له؟ تصفعه على وجهه، وتقول: ليس لك دخل صدقت أو ما صدقت، أنت تصدقني أنت، أنا أعرف بالعلم منك.
لا تقبل أنت أن يصدقك أحد وهو دونك؛ يقول:
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
إذا قلت: والله إن هذا السيف أحسن من هذه العصا، ما رأيك تمدحه أم تذمه؟ تذمه؛ لأنك فاضلت بينه وبين العصا التي ما تنفع، فكيف تجعله أحسن من العصا، وبدون شك أنت ذممته، فتصديقك لله وهو لا يتوقع منه إلا الصدق كأنه معرض ذم، ولذا إذا انتهيت لا تقل: صدق الله العظيم.
وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمة الله تعالى عليه وقد سمعته بأذني وقد سأل في مكة عن هذه المسألة، قال: إن قاله إنسان فلا حرج إن شاء الله.