للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فوائد غض البصر]

السؤال

ما السبيل إلى حفظ العين، والفتن تعرض على الأعين صباح مساء، فكم من شابٍ انحرف وكان ضحية للنظر الحرام، فهل من رسالةٍ إلى أولئك؟

الجواب

غض البصر من أعظم الأعمال والقربات، ينال به الإنسان ثواباً عظيماً عند الله سبحانه وتعالى، وله فوائد كثيرة: وأول فائدة من غض البصر: أنه يصعد إلى درجة الإحسان، لماذا؟ لأنه ما غض بصره إلا لشعوره بأن الله يراه، وهذه مرتبة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فعندما رأيت امرأة وعرفت أن الله يراك غضضت بصرك، فهذه مرتبة الإحسان.

ثانياً: يفتح الله بصيرتك، فإن الجزاء دائماً من جنس العمل، فمن غض بصره أطلق الله بصيرته في دين الله، ومن فتح بصره أعمى الله بصيرته في دين الله، والجزاء من جنس العمل.

ثالثاً: (من غض بصره احتساباً لوجه الله أبدله الله إيماناً يجد حلاوته إلى يوم يلقاه).

رابعاً: حسنة؛ لأن العبد إذا هم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، هممت أن تنظر إلى امرأة ثم غضضت بصرك، ما الذي جعلك تغض؟ خوفاً من الله، فغضك للبصر ثواب.

خامساً: أن تعلم أن نظر الله أسرع إليك من نظرك إلى المنظور إليه، قالوا للحسن البصري: [بم نستعين على غض البصر؟ قال: بعلمك بأن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى المنظور إليه] فأنت تنظر والله ينظر فما هو موقفك؟! لو أن رجلاً معه امرأة ويمشي بها في الشارع، وجئت أنت أمامه وهو واقف بجانبها وأنت تنظر إليها وهو واقف، هل أحد يفعل هذا؟ لا يستطيع، يخجل ممن؟ من الزوج، أفلا تخجل من الله؟! هذه من محارم الله، وكل هذه الأمور يجب أن تستشعرها وتستعين بالله ثم تغض بصرك.

أيضاً: أن تعلم أن إطلاق البصر لا يفيد، يعني: مهما نظرت هل تشبع؟ مثل رجل يكاد أن يموت من الجوع، وهناك قدر مملوء من أحسن الطعام، ولكنه بعيد، وهو يشم، هل يشبع بالشم؟ لا يشبع إلا (بضرب الخمس) إذا أكل، كذلك هناك امرأة هل تشبع بالنظر؟ لا يشبع إلا (بضرب الخمس)، وجوع الجنس مثل جوع البطن، إذاً لماذا تعذب نفسك وتنظر في النساء؟ يقول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:٣٠] أفضل لك، هذا ربك يقول: إن غض البصر أزكى لك.

ثم في غض البصر راحة القلب، فإن القلب مصب العين، فإذا صبت العين على القلب جمراً احترق؛ ولهذا يقول:

وأنت إذا أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظرُ

رأيت الذي لا كله أنت قادرٌ عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

والآخر يقول:

وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل

وبعض الناس تجده يخرج من بيت أهله ليس عنده مشكلة، فإذا ذهب إلى السوق أو الشارع ورأى امرأة، نظر إليها ونظرت إليه، وعاد إلى البيت وهو مغموم مهموم، يقولون له: تعش، قال: لا أريد، ماذا بك؟ ما الذي حصل؟ نظرة.

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوسٍ ولا وترِ

وماذا تعمل؟ غض بصرك، صحيح أن غض بصرك متعب؛ لكنه أسهل مليون مرة من تعب فتح البصر، طاعةً لله تبارك وتعالى، والله لا يقول لك غض بصرك دائماً، لا.

غض بصرك إلى أن تتزوج، فإذا تزوجت فافتح عينك على امرأتك إلى أقصى حد؛ لأنها معك، لكن أن تنظر في بنت الناس، ماذا تستفيد؟ ذهبت بيت أهلها، وأنت ذهبت بيت أهلك، وهب فرضاً أنك استطعت أن تصل إليها عن طريق الحرام، وأشبعت جوعة الجنس التي هي مثل جوعة البطن، نحن تغدينا قبل الساعة الثانية، والآن ما رأيكم هل أنتم جائعون؟ كذلك الذي يصل إلى الحرام بعد يومين يريد الحرام، وإلى متى وأنت في الحرام؟ أوقف الحرام إلى أن تتزوج ثم انظر إليها؛ لأنك تنظر في شيء في يدك، إذا أردتها فهي حاضرة وهي حلال ولك أجر على جماعك.