للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة التزام الحجاب عند الأقارب من غير المحارم]

السؤال

أكثر الناس لا يعترفون بالحجاب أي: أن بعض الناس يأكل ويشرب مع زوجة أخيه كأنها أخته أو بنته؟

الجواب

أمر الحجاب في القرآن مثل أمر الصلاة، ما رأيكم في شخص قلنا له: صلِّ، فقال: لا.

الدين في القلوب، أنا أحب ربي، ولكن لن أذهب لأصلي، ما رأيكم في كلام هذا الرجل؟ هو كافر؛ لأنه أنكر آية من كتاب الله، وترك الصلاة كفر.

الأمر بالصلاة في القرآن يرافقه الأمر بالحجاب، في آيات عديدة في سورة الأحزاب والنور والنساء: ففي سورة الأحزاب يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب:٥٩] حتى لا يقول شخص: إن الأمر لنساء النبي، فلو أن شخصاً طاهراً شريفاً عفي من هذا الأمر لعفي نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعض النساء تقول: أنا قلبي طاهر.

حسناً أأنتِ أطهر أم نساء النبي صلى الله عليه وسلم؟ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:٥٩] وليس نساء الفسقة والمجرمين، نساء المؤمنين، ماذا يعملن؟ قال: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:٥٩].

وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:٣١] والجيب على الصدر والنحر، والخمار على الرأس، فتضرب بخمارها على رأسها، يعني: يصل من رأسها إلى جيبها، أي: يمر على وجهها ويغطيه {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ} [النور:٣١] لثمانية أصناف من الرجال والأقارب، وأربعة من غير الأقارب، من هم الأقارب الذين يباح لهن الكشف عليه؟ قال تعالى: {إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] والبعل في الشرع واحد، أما أن تظهر على أبي فلان وأبي علان، وتسلم على هذا وتسلم على يد هذا، هذه المسألة ليست اشتراكية في الأعراض، ولا حول ولا قوة إلا بالله! بعولتهن فقط، بعلها الذي استحلها بكلمة الله.

{أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور:٣١] أبوها الذي خرجت من صلبه.

{أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] يعني: أبو بعلها -عمها- لأنه لا يجوز له أن ينكحها بعد ابنه.

{أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور:٣١] ولدها.

{أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] أي: ولد بعلها من غيرها؛ لأنها عمته، لا يستطيع أن ينكحها من بعد أبيه.

{أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} [النور:٣١] أي: أخوها من أمها وأبيها أو من أمها أو من أبيها أو من الرضاع.

{أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ} [النور:٣١] أي: أبناء أخيها.

{أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} [النور:٣١] أي: أبناء أختها وهي خالتهم، فقط، وليس فيهم أخو الزوج، فلا نأتِ بقرآن جديد، ليس هناك إلا كلام الله.

والأربعة الباقين من غير الأقارب هم: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور:٣١] يعني: المرأة المؤمنة تكشف على المرأة المؤمنة.

{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور:٣١] يعني: المرأة التي عندها عبيد تكشف عليهم؛ لأنه ما يكشف عورتها، فهو يخاف منها؛ لأنها سيدته ومولاته.

{أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ} [النور:٣١] والتابع هو الذي يتبع الزوج أي: خادم الزوج، الراعي عند الزوج، العامل عند الزوج، السائق عند الزوج، لكن بشرط: أن يكون هذا الراعي أو الخادم أو السائق مخصياً؛ لأن الله تعالى يقول: {أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ} [النور:٣١] ما معنى غير أولي الإربة؟ يعني مخصياً، لكن إذا كان كمن هم عندنا الآن، فهذا هو الموت، هذا الذي يسمونه (السارق النزاع) يرى كل امرأة، ويدخل كل بيت، وهو أخطر من كل خطير، وكما قال الأول: (حذارك من الديدان والخدم).

{أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:٣١] فالطفل الصغير غير المدرك الذي لا يعرف شيئاً عن عورات النساء يجوز للمرأة أن تكشف عليه، أما الطفل الذكي فلا؛ لأن بعض الأطفال رغم صغره إلا أنه ذكي ترسله إلى بيت من البيوت بسلعة، فيذهب ويلعب بصره في كل شيء في البيت، فيرجع فيُسأل: ماذا رأيت؟ فيقول: ما أكثر ما رأيت في ذلك البيت، فيه ثريات ومعهم صورة، ومعهم ومعهم، فصور الدنيا كلها في لمحة واحدة، وهذا خطير لا ينظر إلى النساء؛ لأنه سينشر عرض النساء في المجالس، أما الطفل الصغير الذي ما يعرف شيئاً، فإن سئل: رأيت شيئاً؟ يقول: لا.

فهذا الذي يجوز أن يكشف عليه.

ثم قال عز وجل: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:٣١] يعني: إذا كانت المرأة معها خلخال في رجلها، أو كان معها أساور في يدها، أو عصابة في رقبتها فمشت، فعليها ألا تقلقلها ولا تصلصلها؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١].

وليس معنى -أيها الإخوة- أن يحجب الإنسان زوجته عن أخيه أو عن قريبه أنه لا يثق فيه، فالثقة شيء وأمر الله شيء آخر، أنا أثق في أخي ثقتي بنفسي، وأثق في زوجتي ثقتي بنفسي، ولكني أحجب زوجتي عن أخي، لماذا؟ لأن الله أمرني بهذا؛ لأن بعضهم يقول: هل أنا خائن كيف لا يأمنني على زوجته؟ نعم.

لا آمنك على امرأتي، كل شيء آمنك عليه إلا المحارم؛ لأن المحارم ليس فيها جدال، يقول الشاعر:

لا تتركن أحداً بأهلك خالياً لو كان في النساك مثل بُنان

أي مثل: ثابت البُناني.

إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان

إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان

بالله ما رأيكم لو سلخنا جلد شاة وأخرجناها إلى السوق تمشي، ورأتها الكلاب أتتركها؟ والله تأكلها أكلاً، ولكن إذا عليها جلدها ما تستطيع الكلاب أن تعضها، وكذلك الحجاب للمرأة مثل الجلد لا يستطيع أحد أن ينظر إلى شيء منها، لكن إذا عرينا النساء، نظر الرجال وحصلت الفتنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فالحجاب مطلوب ولكن ليس من أجل أنك تشك في زوجتك أو تشك في أخيك ولكن من أجل أن تطيع ربك، فمن أراد طاعة الله فعليه أن يحجب زوجته، ومن أراد معصية الله فلا يحجبها، وسوف يكون خصماً لله وهي ستكون خصمة له بين يدي الله يوم القيامة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (النظر سهم مسموم من سهام إبليس، من تركه لله أبدله الله إيماناً يجد حلاوته إلى يوم يلقاه).