انتظروا أن يأتيهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، وانقطع عنه الوحي تلك الليلة، وفي اليوم الثاني جاءوا إليه، وقالوا: أخبرنا عن إجابة الأسئلة الثلاثة، قال: ما جاءني وحي من الله، فأقاموا الدنيا وما أقعدوها!! وأرغوا وأزبدوا، وقالوا: بطل سحر ابن أبي كبشة -وأبو كبشة هو زوج حليمة السعدية التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم به ويقولون: ابن أبي كبشة -.
ونالوا من الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف، ولكنه صامت وصابر، ومر اليوم الثاني، والليلة الثالثة، والرابعة، حتى مر خمسة عشر يوماً وليلة والوحي منقطع لا يأتيه، والرسول صلى الله عليه وسلم في حرج لا يعلمه إلا الله، ثم بعد ذلك ينزل الفرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزول سورة الكهف، وهي تبدأ بالحمد، وبذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه عبد الله، وتقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً}[الكهف:١ - ٥] ثم قال الله تعالى له: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ}[الكهف:٦] أي: تريد أن تهلك نفسك إذ لم يؤمنوا ولم يهتدوا، لا.
لا تهلك نفسك، فالمصير والمرجع إلينا، {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}[الكهف:٦ - ٨] ثم بدأ الله تعالى بالإجابة عن الأسئلة: الجواب عن السؤال الأول: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}[الكهف:٩] هؤلاء الشباب المؤمنون {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً}[الكهف:١٣] إلى آخر القصة.
وجاء الجواب عن السؤال الثالث في سورة الإسراء قبل سورة الكهف:{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}[الإسراء:٨٥].