للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قول العرب: (ما تزرع تحصد)]

من ذلك أيضاً قول العرب: (ما تزرع تحصد): فالذي تزرعه تحصده، والشخص الذي يزرع بُرَّاً ماذا يخرج له؟ بُرٌّ، أليس كذلك؟ والذي يضع بَعَراً، أيخرج له بُرٌّ؟! لا.

سينتظر وينتظر، ثم يكشف الطين ويرى البعر؛ إن كان جيداً لقيه، وربما قد تلف، وحتى إنه لن يلقاه، فما تزرع تحصد.

لكن المثال في القرآن الكريم جاء ببلاغة أعظم، يقول الله عز وجل: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣].

ويقول عز وجل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل:٨٩ - ٩٠] شخص يزرع طوال حياته السوء، ويزرع الشر والفساد، ويعمل الإجرام، ويهتك الأعراض، ويسفك الدماء، ويعتدي على الحرمات، ويعاند الجبار، ويترك أوامر الله، ويقع فيما حرم الله، هذا ماذا يلقى؟ هل يتصور أنه يلقى حسنات على هذا الفعل؟! لا؛ لأنه يعمل سوءاً، والذي يعمل السوء يجد السوء، والذي يعمل الحسن يجد الحسن، يقول الله عز جل: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:٣١].

ويقول عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ} [يونس:٢٦ - ٢٧] يعمل طوال ليله ونهاره ويكسب، وسَمَّى الله جمع السيئات كسباً، وإلا فهو ليس بكسب؛ لكنه على سبيل التهكم، والشخص الذي يجمع السيئات، كاسب أم خاسر؟! خاسر؛ لكن الله يقول: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ} [يونس:٢٧] ماذا يحصل؟! {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} [يونس:٢٧] أم أنه يتوقع صاحب السيئات أنه يجد على السيئة حسنة! هل هذا معقول؟! لا.

أبداً.

فيقول الله عز وجل: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:١٢٣].