أولاً: لا بد من الاستعداد النفسي للهداية، لا بد من أرضية قابلة للهداية؛ فلو أنك أردت أن تزرع فإنه ليس كل أرض تصلح للزراعة، لو أتيت بالحب الصالح والماء العذب، وجئت إلى أرض سبخة -تعرفون السبخة التي في تهامة، بجوار البحر- وحرثتها ورميت الحبوب فإنها لا تنبت، لماذا؟ لأن الأرضية غير صالحة؛ ليست أرض زراعة، لكن تبحث عن الأرض الصالحة للزراعة وتضع فيها الحبوب وتسقيها بالمياه وتنبت بإذن الله، فأرضية الهداية التي يمكن أن تستقبل الهداية هي انفتاح القلب، فافتح قلبك وحول الموجة إلى الله واتجه إليه، يقول الله تعالى في الحديث القدسي:(يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) اطلب من الله الهداية، اطلب من الله في سجودك، اطلب من الله في ليلك ونهارك، دائماً وأنت في كل مناسبات: يا رب! اهدني.
إذا كان سيد الهدى كما تقول عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته بالليل بقوله: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) سيد الهدى يقول: اهدني.
والناظم يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
فالأرضية أن تستعد لتكون مهتدياً، وبعد ذلك تطلب الهداية، وبعدما تطلب الهداية تجاهد نفسك في طريقها؛ لأن الله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا}[العنكبوت:٦٩] ماذا؟ {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:٦٩] أجل.
ما تأتي الهداية إلا بعد المجاهدة، الهداية ثمرة للمجاهدة:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا}[العنكبوت:٦٩] والمجاهدة هي المعاناة.