[وصايا للثبات على الاستقامة]
يا إخوتي في الله! وصيتي لنفسي ولكم بتقوى الله والعودة إلى الله والرجعة بالتوبة النصوح من الذنوب كبيرها وصغيرها، والاستقامة على الدين، وأوصيكم بأربع وصايا تحفظ لكم الدين: أولاً: اجعلوا لكم وقتاً مع كتاب الله لأنه الشفاء لما في الصدور، ومفهوم هذا الدرس أنه لا بد أن يكون لك في كل يوم ورد معين وحزب من القرآن الكريم تقرأه، كما لك ورد في طعام الفطور والغذاء والعشاء، يجب أن يكون لك ورد من القرآن تغذي به قلبك، تقرأه وتفهمه وتعرف تفسيره.
ثانياً: يجب أن يكون لك درس معين من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وليكن في كل يوم حديث واحد، وأحسن كتاب أدلكم على قراءته رياض الصالحين.
ثالثاً: يجب أن يكون لك رفيق صالح، فتعرَّف على رفيق صالح وارتبط به ارتباطاً إيمانياً من أجل أن يعينك على السير في هذا الطريق.
رابعاً: يجب أن تحرص كل الحرص على الابتعاد من قرين السوء؛ لأن قرين السوء مريض، ولو رأيت شخصاً عنده (جدري) فهل تجلس معه؟ ولو رأيت شخصاً عنده (سل) فهل تأكل معه؟ أو شخصاً عنده (إيدز) أو (سرطان) فهل تشرد منه؟ وهذا صحيح، لكن إن كان عنده (كوليرا) في عقيدته أو (سرطان) في دينه أو (إيدز) في إيمانه، فهذا والله أولى أن تبتعد منه؛ لأنه يهلكك في الدنيا والآخرة، الذي يزين لك المعصية ويشوه لك الطاعة، لك رفيق يمشي معك فأذن المؤذن فقلت: يا أخي! دعنا نصلي.
قال: يا رجل ليس الآن وقت الصلاة، يقول المطاوعة: إن تأخير العشاء أفضل.
في هذه الفتوى أفتاه إبليس، يقول: يقولون: إنه كلما تأخرت العشاء كان أفضل، دعنا نسمر الآن، وبعد ذلك إذا جاء آخر الليل صلينا فهذا شيطان رجيم فابتعد منه.
مررت أنت وهو في الشارع وأخذ ينظر إلى امرأة لا تحل له وعندما قلت له: يا أخي اتق الله، (من ملأ عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم)، قال: يا شيخ! لا تعقد نفسك إنهم يسمون الدين تعقيداً! فالذي ليس متدين متروكاً، والذي يسمونه معقداً أحسن من المتروك، الإنسان المعقد -الذي عنده عقدة- أحسن من ذلك المتروك السائب، الذي ما له دين ولا مبدأ ولا اتجاه إلا أنه عبد لهواه وشهواته وشيطانه، قال: هذا تعقيد، قل: لا والله يا أخي، أنا لا أعقد نفسي، ولكني أصونها وأحفظها، وأغض طرفي خوفاً من ربي، وابتغاء ما عند الله عز وجل، أنا لست عبد شهوتي، ولست عبد هواي، وأحقر شيء عندي هو الجنس.
إن من الرجال من هو عبد لجنسه، تراه فقط مثل الكلب يتلصص على محارم الناس، لماذا؟ لأن الجنس سيطر عليه، أي: أهلكه؛ فهو يتصرف في مجال الجنس فقط، مثل الحمار إذا رأى حمارة، هل الحمار عنده عقل حتى يغض بصره، ألا تراه يحرك مسامعه هكذا ويحرك ذيله وينهق وراء الحمارة؟ هذا مثل ذاك، لا يعرف خلقاً ولا يعرف ديناً ولا مروءة، إذا نظر إليها لحق وراءها، ومن دكان إلى دكان، ومن معرض إلى معرض، مثل الحمار هذا على اثنتين وذاك على أربع، ولا حول ولا قوة إلا بالله!! فاحذر يا أخي، هذه أربع أعيدها: اجعل لك من القرآن ورداً، ومن الحديث حديثاً واحداً، واحرص على رفيق الخير، وابتعد عن رفيق الشر.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإياكم من عباد الله الصالحين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
وأشكر أولاً أسرة المدرسة مديراً مدرسين، وأشكركم كأبناء وإخوة وزملاء على إتاحة هذه الفرصة، وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعني وإياكم بما قلنا وما سمعنا، وأن يكون ما قلت أنا وما سمعتم أنتم حجة لنا يوم القيامة لا حجة علينا؛ لأن هذا الكلام عهدة عليَّ أنا، فالله سيسألني هل أنا أعمل بما أقول، وعهدة عليكم فالله سيسألكم يوم القيامة هل عملتم بما سمعتم، أو يدخل الكلام من هنا ويخرج من هنا {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦] (يا عبادي إنما هي أعمالكم -كما يقول الله عز وجل- أحصيها عليكم بالليل والنهار، ثم أوفيكم إياها يوم القيامة، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خير الجزاء.