الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن أحوال الناس تختلف يوم القيامة بحسب أحوالهم في هذه الحياة، فلا يكون مصير الناس سواء؛ لأن سلوكهم في هذه الدنيا ليس بسواء، قال الله سبحانه وتعالى:{لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}[الحشر:٢٠] وقال جل جلاله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:٣٥ - ٣٦] وقال سبحانه: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}[ص:٢٨] وقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:٢١].
فمن ظن أن مصير الناس يوم القيامة واحد فهو كافر وجاهل وجاحد.
لا.
فليس المصير واحداً؛ لأن العمل هنا ليس واحداً، قوم آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، وخضعوا لشريعة الله، وساروا على منهج الله، وأحلوا ما أحل الله وحرموا ما حرم الله، وبكوا من خشية الله، وجاهدوا في سبيل الله، هل يستوون هم والمفسدون في الأرض الذين زنوا، وسكروا، ولاطوا، وقتلوا، وسرقوا، وارتكبوا ما حرم الله، ورفضوا جلَّ ما حرم الله، هل يكون مصير هؤلاء وهؤلاء واحداً؟ مصير الناس يختلف يوم القيامة بحسب اختلاف أحوالهم في هذه الدار.