[حكم التمثيل في الشرع]
السؤال
نحن جماعة مقبلون على تقديم حفل، ونحن في حيرة من أمرنا من ناحية تقديم مشاهد تمثيلية؛ لأننا سمعنا أن هناك فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بتحريم هذه المشاهد حتى ولو كانت هادفة فما رأي فضيلتكم؟
الجواب
أولاً: موضوع التمثيل إن كان تمثيلاً باطلاً، أو لنساء، أو تمثيلاً للصحابة والأنبياء والرسل، أو لمجون وكذب فهذا حرام بإجماع العلماء، ولا أحد ينازع في هذا؛ لأنه يجمع كل المصائب، وهو الموجود الآن في المسلسلات والتمثيليات وأفلام الفيديو هذا كله باطل وكذب، ولا ينبغي لك أن تعيش مع الكذاب وتعطي عقلك غيرك.
أما التمثيليات الهادفة التي تمارس في بعض الأماكن كالمدارس الثانوية والجامعات والمراكز الصيفية والمعسكرات الإسلامية، والمخيمات الدينية من أجل معالجة قضية، ولا يمكن أن تصل هذا القضية وأن تفهم إلا إذا أظهرت في شكل روائي، بحيث يمثل هذا دور الشاب المنحرف، وذاك دور الشاب الطيب، وكيف لقيه وجلس معه وراح هو وإياه وأثر فيه، وبعد ذلك اهتدى والتزم وصار ملتزماً فهذه هادفة.
وشاب آخر كان يدخن وكان -والعياذ بالله- سكيراً ولقيه واحد آخر وقال: تعال يا أخي هذه مذاهب انقسم العلماء فيها إلى قسمين: ١ - قسم يقول: لا يجوز، لماذا؟ قالوا: لأنه كذاب؛ لأنه يمثل أنه منحرف وليس منحرفاً، وما دام أنه كذب فلا يجوز.
٢ - وقسم يقول: جائز ولو كانت التمثيلية كذباً، لماذا؟ قالوا: لأنه ورد في الدين ما يسندها، ما هو الذي يسندها؟ قالوا: جبريل لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أليس كان يمثل دور طالب العلم، أجيبوا علي؟ بلى.
هل كان جبريل لا يعرف؟ كان يعرف الجواب وهو يسأل الرسول -أخبرني عن الإسلام- يعرف الجواب لكنه جاء ليمثل دور طالب العلم، وليس هذا بكذب، لماذا؟ ولهذا لما ذهب قال: (أتدرون من السائل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم) رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه منا أحد، وليس عليه أثر السفر، ما جاء من مكان بعيد، من أين جاء؟ من الملائكة، وجلس وأسند ركبتيه، وبعد ذلك علمهم كيف يجلس طالب العلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه، وقال: أخبرني عن الإسلام، هذا دور روائي.
أيضاً حديث آخر في صحيح البخاري ومسلم؛ حديث الأعمى والأقرع والأبرص، الذي أرسل الله لهم ملكاً من الملائكة وجاء إلى الأول وقال: ماذا تريد المهم أن الله عز وجل رزقهم، ثم بعد ذلك جاءهم الملك في أشكالهم، جاء عند الأقرع في صورة أقرع، وجاء عند الأعمى في صورة أعمى، وجاء عند الأبرص في صورة أبرص.
وهذا شكل تمثيلي، لكن الهدف منه اختبار وابتلاء هؤلاء الناس، هل ينسون الماضي أم يذكرونه؟ فبعضهم نسي الماضي وقال لما قال له: أسألك بالذي أعطاك الجلد الحسن والمال الكثير أن تعطيني شاة أتبلغ بها في سفري، قال: أنا ورثته كابراً عن كابر، مثلما ينكر بعض الناس الآن عندما تقول له: اذكر فضل الله عليك، قال نحن أغنياء من يوم خلقنا -أي: نحن ما لحقَنا شيء من الجوع- وقد كان يطلب على الأبواب، (شحات) لكن الله رزقه ونسي الماضي، لا حول ولا قوة إلا بالله! فهذه أدلة تدلل إن شاء الله أنه إذا أراد بعض الشباب الطيب على أن يقوموا بممارسة عمل مسرحي نظيف شريف لا مجون فيه ولا تزوير، كمن يأخذ أذناب الخرفان ويضعها كلحية -أي: يقص ذنب الخروف ويعلقه في وجهه ويمثل بأنه رجل مسن، هذا كذب! لا يصلح؛ لأن هذا تزوير، إنما يظهر في شكله، وبعضهم يأخذ الطلاء ويلطخ وجهه ويفعل له لحية وشارباً، وبعضهم كأنه شيطان، لا.
لا يجوز أن يظهر في صورة شيطان، لا يجوز أن تظهر مسلماً في صورة شيطان، ولا يظهر في صورة كافر مثل أبي جهل، لا.
ولا يظهر في صورة صحابي أبداً، إنما صورة من الصور العادية يظهر فيها من يمثل الدور.
أنا أقول هذا بعد الاستقراء والنظر في الأدلة، وبعد التشاور مع بعض الإخوة نسأل الله ألا يكون به بأس والله أعلم.