بعضنا يريد الهداية وهو لا يسلك مسالكها، يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، ولكنه لا يقوم إلى الصلاة، يقول: اللهم اهدني يا رب العالمين وأنا قاعد على الأغاني، أريد أم كلثوم، أنبسط مع طلال مداح ومحمد عبده الشيطاني، اللهم اهدني يا رب العالمين، أنت لا تريد الهداية، ولو كنت تريدها لأغلقت الأغاني، الله أعطاك يداً مثلما تعرف تحركها على الأغاني حركها على القرآن، وأعطاك قدماً مثلما تحملك إلى القهوة تحملك إلى المسجد، وأعطاك عيوناً مثلما تنظر بها إلى المجلات العارية والمسلسلات انظر بها إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لماذا تشغل نفسك بالشيطان وتقول: اللهم اهدني فيمن هديت؟ لماذا لا تشغل نفسك بطاعة الله وتقول: اللهم اهدني فيمن هديت؟ تكون هناك صادقاً مثل الذي يزرع الزرع ويقول: اللهم أنبت لنا الزرع؛ ما رأيكم في شخص جاء على مزرعته ورشها بترولاً وقال: اللهم أنبت لنا الزرع، ما رأيكم أينبت له الزرع وهو يسقيها البترول؟ لا.
فكيف الله يهديك وأنت تسقي قلبك بنزيناً يحرق إيمانك وهو الغناء، لا يجتمع حب الغناء وحب القرآن في قلب عبد مؤمن، والله إنه أخطر على الإنسان من كل خطير، ومن أراد المزيد في حكم الغناء فليقرأ كتاب إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، كيف أن الغناء محرم من أربعة وعشرين وجهاً شرعياً، والناس اليوم مفتونين بالأغاني، ما تمر سيارة إلا وفيها أغاني، وما تشتري من عند خباز إلا والأغاني فوق رأسك، حتى رأيتهم وهم يصلحون سقف البيت والمسجل معلق عند رءوسهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كأننا أمة الغناء ولم نكن يوماً ما أمة القرآن.
فهذه طريق الهداية، هل فيها صعوبة يا إخوان؟ والله ليس فيه صعوبة، إلا واحد يقول: لا أريد، الذي لا يريد فعلى ما يريد، ولن نحزن عليه، الله يقول:{وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}[النحل:١٢٧] ويقول: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً}[الكهف:٦] ويقول: {فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}[لقمان:٢٣]{مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}[الروم:٤٤]{وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً}[فاطر:٣٩] فلا تخف على شخص رفض أن تهديه وأنت تحب له الخير ولا تحزن عليه، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقطع قلبه أسفاً وندماً وحزناً على أمته، قال الله عز وجل:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}[الكهف:٦] أي: مهلك نفسك {عَلَى آثَارِهِمْ}[الكهف:٦] لا.