الباب الثالث: باب الأذن: ومعصيته سماع ما حرم الله من الغيبة؛ لأن الغيبة لا تتم إلا من طرفين: مغتاب وسامع، هل يوجد مغتاب يجلس في غرفة ويغتاب؟ من يغتاب معه؟ هل يوجد من يسمع؟ فإذا سمعت الغيبة فأنت أحد المغتابين، فما موقفك إذا اغتاب رجل عندك آخر تقفل الباب عليه وتقول: دعنا منه، اتركنا من الغيبة، إن كان عندك كلام طيب وإلا فاسكت، أما أن تجامله وتسكت فأنت المغتاب الثاني، ولك صورة طبق الأصل من معصيته؛ لأن الغيبة لا تتم إلا من طرفين، مثل الزنا لا يتم إلا بطرفين، والربا لا يتم إلا بطرفين، كذلك الغيبة لا تتم إلا من طرفين، فلا تستمع الغيبة ولا تسمع النميمة.
إذا أتاك رجل وقال لك: فلان قال فيك وقال فيك، فلا تصدقه؛ لأنه فاسق وإن كان صادقاً؛ لأن الله تعالى يقول:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:٦] فسماه الله فاسقاً وإن كان صادقاً، وإذا جاءك بغيبة فرد عليه، وقل له: إن الذي نقلت عنه النميمة لم يبادرني بها عياناً، ولكن الذي سبني أنت، أنت الذي حملها إلي فلا جزاك الله خيراً، من أجل أن تقطعه وترده عن فعل هذا المنكر العظيم.
فلا تسمع شيئاً من القيل والقال والغيبة والنميمة ولا الغناء؛ لأن الغناء رقية الزنا؛ الغناء محرض على الجريمة، ويبعث في النفس الشهوة، ويدعوها إلى الوقوع في المحرمات، فحرمه الله تعالى كما قال سبحانه في القرآن الكريم:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}[لقمان:٦] قال ابن مسعود: [والله الذي لا إله إلا هو إن لهو الحديث في هذه الآية هو الغناء]-والعياذ بالله- فهي باب من أبواب المحارم؛ فاتق الله وسد أذنك ولا تسمع بها إلا قال الله وقال رسول الله، وما ينفعك في آخرتك.