للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آدم وخروجه من الجنة]

جاء إبليس بهذا الكيد إلى آدم، وقال: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} [طه:١٢٠] وأبونا آدم كان يخاف من الخروج؛ لأنه ليس أصلاً من أهل الجنة؛ فهو إنسان جاء إليها بالتبعية، ولم يأت إليها بالأصالة، فهو مخلوق من الطين، وخُلِق من الأرض، وجيء به إليها، وأُسْكن الجنة، وأيُّ إنسان يؤتى به من بلد إلى بلد أجمل فإنه يخشى الخروج، ويريد إقامة دائمة.

فاستغل إبليس هذه الرغبة النفسية عند آدم وحواء، وجاء إليهما من هذا الباب، وقال له: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف:٢٠] وبعد هذا أعطاهما عليه يميناً، قال تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا} [الأعراف:٢١] أي: حلف بالله، {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:٢١] ما رأيكم في إبليس؟ ناصح، أم خائن؟ والله خائن وألعن خائن؛ ولكن الخائن يحلف؛ كبعض الناس الآن يقع في كارثة وجريمة المخدرات بيمين، أي: يأتي زميله ويقول له: انظر! أما تثق فيَّ؟! قال: نعم.

قال: والله إنني لا أعمل هذا الشيء، ولا أدلك على هذا الشيء إلا من أجل مصلحتك، ووالله إني لمخلص لك.

هل تصدق بأنه مخلص لك وهو يدلك على المخدرات، لتروج وتتعاطى وتهرب المخدرات؟! هل هذا ناصح لك؟! والله ليس بناصح؛ بل والله إنه مِن أغش الناس لك، ولو كان ناصحاً لقال: اتق الله، هذه جريمة، وفاحشة، وكارثة عليك، وعلى أسرتك، ومجتمعك، ودولتك، وبلدك؛ ولكنه يحلفون، لماذا؟ لأن جدهم إبليس قد حلف، فهو قائدهم الأول القائل: {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:٢١] قال عز وجل: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف:٢٢].

ولما أكلا من الشجرة حصلت المعصية؛ لأن أصل المعاصي قسمان: إما ترك مأمور: وهي معصية إبليس، يوم أمر الله الملائكة بالسجود، فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس، ترك أمر الله.

أو فعل محذور: وهذه معصية آدم، لا تأكل، فأَكَل، مثل بعض الناس الآن تجده يترك الطيبات كلها ويشرب الدخان، ويأكل القات، ويشرب الشيشة والخمر، ويتعاطى المخدرات، سبحان الله! آلاف الأصناف من الطيبات ما أقنعتك؟! ما كَفَتْك؟! إلا أن تقع في الخبائث! إنه مكر الشيطان، إنها وسوسة إبليس.

ما الذي أخرج الأبوين إلا شؤم المعصية! حينما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها.