[أرض الجنة وترابها وحشيشها]
وأما أرضها وترابها وحشيشها: فالأرض ذهب، والتراب مسك، والبناء لبنةٌ من ذهب ولبنة من فضة، والحشيش هو الزعفران الذي نشتريه الآن وقيمة الخمسة جرامات بخمسين ريالاً وهو زعفران الدنيا.
لا تركنن إلى الدنيا وما فيها فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
واعمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
ترابها ذهبٌ والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أحمد دلالها والرب بائعها وجبريل ينادي في نواحيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها بركعةٍ في ظلام الليل يحييها
تلك المنازل في الآفاق خاويةً أضحت خراباً وذاق الموت بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها
والله لو قنعت نفس بما رزقت من المعيشة إلا كان يكفيها
والله والله أيماناً مكررةً ثلاثةً من يمينٍ بعد ثانيها
لو أن في صخرةٍ صما منمنمة في البحر راسيةٍ ملس نواحيها
رزقاً لعبد براه الله لانفلقت حتى تؤدي إليه كل ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها
النفس تجزع أن تكون فقيرةً والفقر خيرٌ من غنى يطغيها
فغنى النفوس هو العفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها
هذه الجنة، وهذا بعض وصفها، ومهما وصف الواصف فقد وصفها الله في كتابه، ووصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، ولكن الأوصاف والحقائق تختلف، والله تعالى يقول: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧].