[حرمة الاختلاط وخطره]
السؤال
نخبرك أولاً أننا نحبك في الله، ونرجو أن تبين لنا خطر الاختلاط بين الرجال والنساء وخاصة عند أهل القرى والبادية، مع إفادتنا ما حكم كشف المرأة أمام الطبيب للمعالجة؟
الجواب
يقول صلى الله عليه وسلم والحديث صحيح: (إن الدنيا حلوة خضرة -طعمها زين ومنظرها أزين- وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) وفي الحديث أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: (ما تركت على أمتي فتنة أشد من النساء على الرجال) ومن أجل هذه الفتنة حرم الله عز وجل التبرج وأمر النساء بالحجاب وأمر الرجال بغض البصر، حتى تردم هذه الحفرة، ويقضى على هذه المعضلة، لكن إذا تبرجت المرأة وكشفت وجهها ونظر إليها الرجل واختلط بها، وُجدت الفتنة وشبت النار وتسبب هذا في فساد الدين ووجود الزنا.
إن الرجال الناظرين إلى النساء مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان
لا تتركن أحداً بأهلك خالياً لو كان في النساك مثل بنان
فما موقفك أيها المسلم؟ أن تأمر زوجتك بالحجاب، وموقف المرأة المسلمة أن تلتزم بالحجاب طاعة لله لا انقياداً لأمر الزوج؛ لأن من الأزواج من يأمر زوجته بالتبرج، يقول: تكشفي؛ لأني ذهبت عند فلان وترك امرأته تكشف عليَّ، وأنت تتغطين، لا والله، ما أنت بأحسن منها، يعني أرني زوجتك أريك زوجتي، واشتراكية، ومسالفة في الأعراض، لا.
وبعضهم عنده امرأة غير جميلة يريد أن يرى نساء الناس فيغصبها غصباً أن تتبرج، حتى إذا ذهب يرى نساء العرب، خليها تصب القهوة وتجيب النار، وأولئك يستحون يقولون: والله يوم عنده دخلنا ما جاء بالقهوة غير زوجته، هاتي القهوة يا فلانة! وهذا مرض خطير لا يجوز في الشرع، والله عز وجل قد ذكر ذلك في آية الحجاب في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:٥٩] وقال: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [الأحزاب:٦٠] والمنافقون هم الذين يرضخون في سوق التبرج ويحبون النساء {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب:٦٠] والمرض مرض الزنا ومرض الشهوات {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} [الأحزاب:٦٠ - ٦١] هذه لعنة ربانية صدرت عليهم في كل مكان وجدوا فيه {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب:٦١ - ٦٢].
فلا يجوز للمرأة أن تكشف إلا على من أجاز الله لها الكشف عليهم وهم ثمانية أصناف في سورة النور أربعة من الأقارب وأربعة من غير الأقارب: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} والبعل في الشرع واحد وليس القبيلة كلها {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} أبو البعل أي العم {أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} ولدها {أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} ولد بعلها من غيرها وهي عمته {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} [النور:٣١] ولد خالها وولد عمها، وقريب الزوج هذا الحمو، والحمو الموت، هؤلاء الأقارب ومن غير الأقارب أربعة: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يعني: المرأة تكشف على المرأة {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} يعني: المرأة التي عندها عبد مملوك تكشف عليه؛ لأنه ما يستطيع يكشف عورتها؛ لأنه يخاف منها {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور:٣١] التابع للزوج: مثل الخادم، والراعي، والعامل، والسائق، والتابع للزوج يجوز له أن يكشف على المرأة بشرط: أن يكون مخصياً كما قال الله عز وجل: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} يعني ليس له شهوة، فهو مخصي، لكن عندما نأتي بواحد فلبيني ونتركه مع المرأة والبنات يذهب بهن إلى المدرسة والسوق، حتى لا يسب عيالنا أحد، كيف أجعل واحداً يذب عن عرضي وأودع الذيب على الغنم.
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
الحياة بغير عرض حياة تعسة نكدة لا قيمة لها، أنا أسوق بناتي ولأولادي إلى المستشفى، ولا أرضى بأي حال من الأحوال أن يسوق أحد لأولادي أبداً ولو ماتوا، والله لو تموت في البيت ما تركب مع أجنبي، هذا هو الرجل المؤمن.
أما أودعها من أجل أن يقولوا: والله معنا سواق، لا تأت بسواق، أنت سواق أهلك، بأي حال من الأحوال ولا تأت براع، يرعى الغنم في النهار ويرعى النسوان في الليل، ولا تأت بعامل في المزرعة، ولا تأت بأحد، وإذا اضطررت إلى عامل فاعمل له بيتاً في المزرعة، ويجلس فيها ولا يأتي البيت أبداً، أما أن يجلس يطلع وينزل ويسير ويجيء عاملنا وسائقنا وراعينا، هذا سم، هذا الموت الأحمر، {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:٣١] الطفل الصغير غير المميز الذي لا يعرف الجميلة من القبيحة يجوز للزوجة أن تكشف عليه، أما إذا كان ذكياً مميزاً يعرف إذا رأى امرأة قال: والله فلانة جميلة هذا لا يجوز أن تكشف له وجهها.
أما حكم الشرع في كشف المرأة على الطبيب فإنه ينبغي للرجل أن يحرص ألا يكشف إلا عند امرأة طبيبة، هذا في الدرجة الأولى، ولكن إذا لم يجد واضطر، فإنه يجوز عند الضرورة أن تكشف عند طبيب، ولكن تكشف العضو الذي فيه المرض، إذا كان ألمها في بطنها فليس هناك داعي أن تكشف وجهها، تنام على السرير وزوجها موجود، ويغطي المنطقة كلها إلا المنطقة التي يكشف فيها الدكتور بالسماعة أو بأي شيء.
أما تكشف عن وجهها لكي تعالج بطنها فما الفائدة.
أما غيره فلا، إذا كان المرض في الأسنان، فلا مانع، أو مرض في العين فلا مانع أيضاً، المهم عند الضرورة يجوز، وبغير ضرورة لا يجوز، ولكن مع وجود المحرم، لا تجعل الدكتور يجلس معها وراء الستارة وأنت قاعد هناك، لا.
الطبيب ليس ملكاً بل بشر مثلك.