شيء أختم به المجلس وهي قضية التوسع في الأخلاق في رمضان، رمضان شهر تهذيب الأخلاق، والانتصار على النفس، والتمرد على الشهوات والمباحات، والحلال فضلاً عن الحرام، ولذا جاء في الحديث وهو في الصحيحين قال:(فإن سابه أحد فليقل: إني صائم) أخلاقك هادئة، وأعصابك باردة، ولا أحد يستثيرك أبداً، وإذا أغضبك شخص واستثارك لا تغضب عليه ولا تنفر منه؛ لأنك صائم، وإنما تقول: جزاك الله خيراً، سامحك الله -يا أخي- أنا صائم ولا أستطيع أن أقول شيئاً، لماذا؟ لأنك متمرد على الشهوات، فكيف تقع في هذا، لكن الواقع الآن والذي يحصل أن الناس كلهم غاضبون في رمضان، لا تقرب منه سيذبحك، يا ويلك إن دخلت على مدير إدارة أو موظف تراجع بعد الظهر، حتى الفراش يقول: لا تدخل عليه الآن؛ لأنه صائم ورمضان كريم، فيضع عمامته على فمه، وإذا أتيت تنظر إليه وتسلم عليه ما يرد السلام، لماذا؟ قال: رمضان كريم، اذهب عنا، رمضان كريم يعني تضارب الناس، من أجل أن بطنك خاوية، يعني: الذي يتحكم في أخلاقك ومشاعرك بطنك، إذا كانت بطنك ممتلئة أنت مبسوط، وإذا بطنك ليس فيها شيء فأعوذ بالله.
رمضان كريم يعني أخلاقك كريمة، مراجع غضبان من مراجعته، ودخل عليك وأنت جالس في المكتب وقال: أنت مقصر وأنا كل يوم آتي ما ألقاك والله أشتكيك، وأنت صائم ماذا تقول له؟ تقول له: جزاك الله خيراً، صدقت أنا مقصر، وأنا فعلاً عندي ظروف، وأنا صائم الآن لا أستطيع أن أرد عليك، أين معاملتك يا أخي؟ معاملتي عندك يا شيخ! أنت الذي أخرتها، أنجزها الآن أين هي؟ وأذهب لمتابعتها حتى أنجزها له، لماذا؟ لأني صائم ما أنتقم منه، لكن عندما أكون شكلاً آخر أين معاملتك؟ عندي.
طيب تعال غداً وذهب يبحث لها ومزقها، وذهب لصاحب الوارد قال المعاملة رقم كذا أتتني كذا استلمتها أنا، قال: نعم استلمتها توقيعك عليها، قال: لا ليس توقيعي هذا، هذا مقلد عليه، ما رأيتها وهو قد مزقها، فإذا جاء المراجع من غده قال له: المعاملة عندك.
قال: ليست عندي.
قال: موقع عليها، قال: ذهبت أمس أبحث عنها أو انظر توقيعي فإذا هو ليس بتوقيعي، شخص ضيعها وزور التوقيع، لماذا؟ وهو يقول: إنه صائم هذا الكذاب، يمزق معاملات المسلمين ويعمل غشاً على الناس ويكذب على الله، لماذا؟ لأنه ما عرف الصيام حقيقة.
فنريد -أيها الإخوة- أن نفهم من الصيام أنه تهذيب للأخلاق ورفعة للنفس وإعطاء وبذل، وفي الحديث:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فلهو أجود بالخير من الريح المرسلة).