ويدخل في الغلول هدايا المسئولين؛ الهدايا التي تقدم لمن يلي مسئولية، مدير أو رئيس من أجل العمل، هذا يهدون له إما الموظفين عنده أو مراجعين له، ورد في الحديث:(هدايا العمال -يعني: المسئولين- غلول) لأنها هدية وهي في الحقيقة رشوة، لكنها تلبس ثوب الهدية، والدليل على حرمتها حديث عبد الله بن اللتبية الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الزكاة فجاء بعد الزكاة ومعه شملة، وقال:(هذه أهديت لي، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً عظيماً حتى لكأنه يفقع في وجهه حب الرمان، ثم نادى بالصلاة ولم تكن وقت صلاة، وقال وهو يخطب في خطبته المشهورة: ما بال أقومٍ نستعملهم على الزكاة فيعودون ويقولون: هذا لبيت مال المسلمين وهذا أهدي لنا، أفلا قعدوا في بيوت أمهاتهم أكان يأتيهم شيء) قال العلماء: فلا يجوز قبول الهدية ممن يهدي لك من أجل الوظيفة إلا أن يكون بينك وبين هذا الرجل الذي يهدي لك صلة قبل الوظيفة وأنت وهو تتهادون قبلها، أما هدية فقط من أجل الوظيفة فهذه رشوة، وهي محرمة، وعلى المسلم أن يكون طاهراً نظيف البطن لا يدخل في بطنه ولا في بيته شيء، لماذا؟ لأن الدولة جزاها الله خيراً ما جعلت لأحد حاجة، كل مسئول يستلم رواتب ضخمة تكفيه إذا كان عفيفاً وشريفاً يريد الحلال.
هذه -أيها الإخوة- بعض المشاهد والصور التي يأتي بها الإنسان إلى الله يوم القيامة، بقي أشياء لكن ضاق الوقت عنها، وأسأل الله عز وجل أن يمد في العمر والأجل حتى نكملها في فرصة أخرى، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل التفرق من بعده تفرقاً معصوماً، وأن لا يبقى فينا ولا معنا ولا منا ولا إلينا شقياً ولا محروماً.
اللهم احفظ لنا ديننا وأمننا ونعمتنا واستقرارنا، اللهم من أرادنا في هذه الديار أو غيرها من ديار المسلمين بسوء أو شرٍ أو كيد أو مكرٍ فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، وأنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم وفق ولاة أمورنا وعلمائنا ودعاتنا ومشايخنا إلى خدمة هذا الدين، وانصرهم برحمتك يا أرحم الراحمين، ووفقنا لما تحبه وترضاه إنك ولي ذلك والقادر عليه.