{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[آل عمران:٥٧] الظلم بكل صوره وأشكاله، ظلم العبد لنفسه بالمعاصي، وظلم العبد لربه بمزاولة الشرك وصرف العبادة عن الله، ظلم العبد لغيره بالعدوان على حقه من مالٍ أو عرضٍ أو دم، فهذا يعرض الإنسان لبغض الله ولعدم محبة الله؛ لأن الله لا يحب الظالمين:{إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}[النساء:٣٦] وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (أحب الأعمال إلى الله: الصلاة لوقتها، ثم بر الوالدين، ثم جهادٌ في سبيل الله) وفي آخر يقول عليه الصلاة والسلام وقد سئُل عن أحب الأعمال إلى الله: (إيمانٌ بالله، قيل: ثم أي؟ قال: جهادٌ في سبيل الله، قيل: ثم أي؟ قال: حجٌ مبرور) ويذكر صلوات الله وسلامه عليه يوماً من الأيام أحب الأعمال إلى الله فيقول: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) لأن القليل مع الاستمرار يفعل فعلة في القلب وفي السلوك أعظم من كثير مع الانقطاع.
ويضرب العلماء هذا المثل يقولون: ائتِ بإناء واجعله يقطر قطرات على صخر وانتظر ثم ائتِ بعد فترة تجد القطرات هذه قد حفرت حفرة في الصخر.
قطرة وقطرة وقطرة، كل يوم تجدها تتقاطر، تعال بعد فترة تجد هذا الحجر قد نقر وأصبحت فيه حفرة بتأثير قطرات الماء؛ لأنها مستمرة، لكن اجمع هذا الماء كله في إناءٍ واحد ثم صبه دفعةً واحدة على الحجر هل يؤثر في الحجر؟ لا يؤثر فيها ولو كان واحداً من مليون من الملي، لا يمكن لماذا؟ لأنه عارض.
كذلك عمل العبادة إذا داومت عليها أثرت في قلبك، ونقشت في قلبك محبة الله، وفي حياتك مراقبة الله عن طريق مداومتك، إذا داومت على صيام يوم، أو على قيام يوم، أو على أذكار معينة، أو على صدقة معينة، أو على قراءة قرآن بجزء معين من القرآن فإنه يؤثر في قلبك حدد لنفسك في القرآن تلاوة أن تتلو كل يوم جزءاً، وداوم عليه وهذا أحب الأعمال إلى الله، أحب من أن تقرأ في يومٍ واحدٍ ثلاثين جزءاً ثم تترك المصحف عشرة أيام أو عشرين يوماً أو شهراً كاملاً، لكن اقرأ كل يوم جزءاً باستمرار وبانتظام عظيم، حدد لنفسك ركعتين في جوف الليل قبل صلاة الفجر أو في أي وقت من الليل أفضل من أن تقوم ليلة من الليالي ثمان ركعات وتترك القيام أسبوعاً أو أسبوعين؛ لأن (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل).